للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العين مرهونة عند واحد لا يجوز أن يكون هي ولا شيء منها مرهونًا عند آخر بلا خلاف، وقد سبق لنا وجه عن رواية صاحب "التقريب" فيما إذا رهن عينًا من اثنين: "إنه إذا اتحد جهة الدينين، وانفك نصيب أحدهما لا ينفك نصيب الآخر" (١).

وقال أبو حنيفة بعدم الانفكاك سواء اتحدت جهة الدينين أم اختلفت (٢)، ولا يعارض ذلك ما قلناه هنا؛ إما لأن المرتهنين كالمرتهن الواحد، وإما لأن ذلك احتمل في الابتداء لتساويهما ولا يحتمل في الدوام؛ لأن السابق أقوى، والقصد التنبيه على أن ما قلناه من استحالة أن يكون الشيء الواحد رهنًا عند اثنين هو في الصورة التي فرضنا من طريان أحدهما على الآخر، وهو مما لا خلاف فيه بخلاف ما إذا حصلا معًا، فهو محل الخلاف بيننا وبين الحنفية، والوجه المذكور والمأخذ مختلف.

واعلم أن ما ذكرناه من الاستحالة لا نريد به الاستحالة العقلية، بل ولا الشرعية مطلقًا، ألا ترى أن العبد إذا جنى على زيد، ثم جنى على عمرو تعلق الأرش برقبته لكل منهما، وكذا إذا كان مرهونًا، فجنى على غير المرتهن تعلق أرش الجناية برقبته مع بقاء تعلق المرتهن بها، ولكن احتمل ذلك في التعلق من جهة الشارع، ولم يحتمل من جهة العاقد الذي يقبل تصرفه الصحة والفساد.

فإن قلت: سيأتي خلاف في جواز رهنها عند المرتهن رهنًا لم يذكروا [خلافًا الفرق] (٣).


(١) انظر: فتح العزيز (٤/ ٥٢٢).
(٢) انظر المصدر السابق.
(٣) كذا في الأصل، ولعلها: "خلافًا فما الفرق".

<<  <  ج: ص:  >  >>