مما قاله الماوردي، وإن قبض ولم يقصد بالقبض لا نفسه ولا المشتري، فهذه الحالة لم يذكرها الماوردي، وهي تدخل في إطلاق صاحب "التهذيب" وإذا كنا نقول فيما إذا قصد نفسه يصح، ويستقر البيع، ويلزم الرهن فلأن نقول بذلك هنا أولى.
نعم، قد قدمنا عن الغزالي أن الوكيل، لا بد أن يقصد عند استيفاء الحق جهة الوكالة، فقد يقال: إنه إذا أطلق هنا ولم يقصد شيئًا لا يصح على قياس ما قاله الغزالي لكنَّا نقول: إن الذي قاله الغزالي إنما يظهر فيما إذا كان المقبوض في الذمة، ففي تلك الحال متى لم يقصد الوكيل جهة الوكالة لا يقع القبض للموكل؛ لأن صورة القبض مترددة بين قبضه لنفسه ولغيره، فإن كان لنفسه فيلغو لأن الفرض أن ما في الذمة ليس له وإن كان لموكله، فيصح وإذا تردد لا بد من مميز وهو قصد الوكالة وإلا فيبطل وما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح، وأما هنا، فالمأذون في قبضه معين، فلا يفتقر إلى قصد هذا إن سلم للغزالي ما قاله، وأنه ليس مفرعًا على بطلان مال أبيه على ظن أنه حي، فإذا هو ميت. وما قاله محتمل لِأنْ يكون مفرعًا عليه، أما إذا فرعنا على صحته، فلا يبعد القول بصحة قبض ما في الذمة إذا قصد الدافع وكان المدفوع إليه وكيلًا في نفس الأمر علم أو لم يعلم، قصد أو لم يقصد كصاحب الحق، فإن الدافع لو أعطاه ناويًا به الحق صح قبضه، وملكه وإن لم يعلم أنه عن دينه، وقد صح بهذا إطلاق صاحب "التهذيب"، وصحة ما قاله.
واعلم أن هذا الرجل - أعني:"صاحب التهذيب" - قلَّ إن رأيناه يختار شيئًا إلا وإذا بحث عنه وجد أقوى من غيره هذا مع اختصار كلامه، وهو يدل على نبل كثير، وهو حري بذلك، فإنه جامع لعلوم القرآن والسنة والفقه