يصح رهنه قبل نقد الثمن، وممن قطع به البندنيجي ورهنه من البائع بثمنه إن كان حالًّا لم يصح؛ لأنه محبوس بالثمن بمقتضى البيع؛ ولهذا الحبس أحكام تخصه، والرهن يقتضي الحبس، وأحكامًا أخرى، فما اقتضاه الرهن من الحبس لا فائدة فيه؛ لأنه ثابت بالبيع وما اقتضاه من بقية أحكامه لا يمكن إثباته؛ لمضادته الأول فبطل، وبهذا يعلم الجواب عن قول ابن الرفعة:"ينبغي أن يصح ويتقوى أحد الجنسين بالآخر"(١)، وعلل المتولي بطلان رهنه بالثمن الحالِّ بأنَّا إن قلنا: البدأة بالتسليم على البائع، فهو مغير لمقتضى البيع يعني: لأن مقتضى البيع حينئذ تسليم المبيع قبل الثمن ومقتضى الرهن عكسه.
وإن قلنا: البدأة بالمشتري، فلا فائدة في الرهن وما ذكره من البناء على البدأة يأتي على طريقة من يقول: إن الخلاف في البدأة يجري في حق الحبس، وإن كان الثمن موجلًا، فالصحيح المشهور أن رهنه به كرهنه بعد نقد الثمن، وهكذا ذكر الرافعي في باب الشروط في البيع والبغوي هنا.
وقال المتولي: لا يجوز؛ لأنه يقتضي تغيير مقتضى البيع في التسليم، وهذا الذي قاله المتولي ضعيف، وإنما يأتي ما قال فيما إذا شرط ذلك في البيع لكن يخرج مما قاله المتولي؛ أن الثمن إذا كان حالًّا ولم يثبت حق الحبس يكون كالمؤجل، فإذا ركب مع ما قلناه من جريان الخلاف في رهنه بالمؤجل أنتج جريان خلاف في رهنه بثمنه الحال، وإنما يأتي هذا إذا صح أن الخلاف في البدأة خلاف في حق الحبس، أما رهنه من البائع بدين آخر غير ثمنه قبل نقد الثمن، فباطل أيضًا، وهو داخل في كلام المصنف، وللبطلان علتان: إحداهما: أنه كرهن المرهون، وهذه مطردة سواء أكان