ورد على ذلك الحافظ الضياء المقدسي في استدراكاته عليه، وقال: وجه هذا الحديث أن هذين المسجدين وضعا قديمًا ثم خربا، ثم بنيا. وقال الحافظ في الفتح (٦/ ٤٧٠ - ٤٧١): قال ابن الجوزي: فيه إشكال؛ لأن إبراهيم بنى الكعبة، وسليمان بنى بيت المقدس، وبينهما أكثر من ألف سنة. انتهى، ومستنده في أن سليمان عليه السلام هو الذي بنى المسجد الأقصى، ما رواه النسائي من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا بإسناد صحيح: أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل اللَّه تعالى خلالًا ثلاثًا. . . الحديث، وفي الطبراني من حديث رافع بن عميرة أن داود عليه السلام ابتدأ ببناء بيت المقدس، ثم أوحى اللَّه إليه إني لأقضي بناءه على يد سليمان، وفي الحديث قصة، قال: وجوابه أن الإشارة إلى أول البناء ووضع أساس المسجد، وليس إبراهيم أول من بنى الكعبة، ولا سليمان أول من بنى بيت المقدس، فقد روينا أن أول من بنى الكعبة آدم، ثم انتشر ولده في الأرض؛ فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس ثم بنى إبراهيم الكعبة بنص القرآن، وكذا قال القرطبي أن الحديث لا يدل على أن إبراهيم وسليمان لما بنيا المسجدين ابتدآ وضعهما لهما؛ بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرهما. قلت: وقد مشى ابن حبان في صحيحه على ظاهر هذا الحديث، فقال: في هذا الخبر رد على من زعم أن بين إسماعيل وداود ألف سنة، ولو كان كما قال لكان بينهما أربعون سنة؛ وهذا عين المحال لطول الزمان بالاتفاق بين بناء إبراهيم عليه السلام البيت وبين موسى عليه السلام، ثم إن في نص القرآن أن قصة داود في قتل جالوت كانت بعد موسى بمدة، وقد تعقب الحافظ الضياء بنحو ما أجاب به ابن الجوزي، وقال الخطابي: يشبه أن يكون المسجد الأقصى أول ما وضع بناءه بعض أولياء اللَّه قبل داود وسليمان، ثم داود وسليمان فزادا فيه ووسعاه؛ فأضيف إليهما بناؤه، قال: وقد ينسب هذا المسجد إلى إيلياء، فيحتمل أن يكون هو بانيه أو غيره، ولست أحقق لم أضيف إليه. قلت: الاحتمال الذي ذكره أولًا موجه، وقد رأيت لغيره أن أول من أسس المسجد الأقصى آدم عليه السلام =