[اعتقاد الفضل لبقعة بغير دليل افتراء وضلال وقول عليل]
زيَّن الشيطان لكثير من الناس تقديس مواضع وأمكنة بغير برهان أو دليل، فانطلت على الجمع الغفير روايات موضوعة ذات خطر كبير، فالتساهل قد دبَّ في مثل هذه المواطن بغير نكير.
قال الشوكاني:
توسَّع المؤرخون في ذكر الأحاديث الباطلة في فضائل البلدان، ولا سيما بلدانهم؛ فإنهم يتساهلون في ذلك غاية التساهل، ويذكرون الموضوع، ولا ينبِّهون عليه، كما فعل الديبع في تاريخه الذي سماه:"قرة العيون بأخبار اليمن الميمون"، وتاريخه الآخر الذي سماه:"بغية المستفيد بأخبار مدينة زبيد" مع كونه من أهل الحديث وممن لا يخفى عليه بطلان ذلك، فليحذر المتدين من اعتقاد شيء منها أو روايته؛ فإن الكذب في هذا قد كثر، وجاوز الحد، وسببه: ما جبلت عليه القلوب من حب الأوطان والشغف بالمنشأ. اهـ. (١٢)
فأمر الفضائل موقوف على ثبوت النص وما لا فلا، فإنها ليست من باب الاجتهاد ولا دخل لها بالعقل والرأي، إنما مردها إلى اللَّه وإلى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فلما غفل الناس عن هذا الأصل تقربوا إلى اللَّه تعالى -زعموا- بالذهاب إلى أماكن ومواضع ظنوا أنها فاضلة فاتخذوها مهاجرًا وعيدًا، قصدوا الخير لكنهم ضلوا السبيل.
قال شيخ الإسلام:
فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواء كانت البقعة شجرة أو غيرها، أو قناة