وقال السبكي الكبير: ليس في الأرض بقعه لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها غير البلاد الثلاثة، ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره، ورتب عليه حكمًا شرعيًّا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو جهاد، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، قال: وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة داخل في المنع، وهو خطأ؛ لأن الاستثناء إنما يكون من جنى المستثنى منه، فمعنى الحديث: لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المكان، بل إلى من في ذلك المكان، واللَّه أعلم. (٣٤) "موضوع" "فضائل بيت المقدس" (ص ١٠٣ - ١٠٤)، وعلقه ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٣/ ٣٩)، وعزاه العيني في "عمدة الأحكام" (١١/ ٤٥٣) لأبي الخطاب في كتاب "العلم". قال ابن عبد البر: هذا حديث منكر لا أصل له، ومحمد بن خالد الجندي، والمثنى بن الصباح متروكان، ولا يثبت من جهة النقل. وقال العيني: محمد بن خالد الجندي، عن المثنى بن الصباح: مجهول عن متروك. وقال الشيخ الألباني في "الضعيفة" (٦٣٤٦): باطل بذكر مسجد الجند. وذكر كلام ابن عبد البر، وقال: قلت -الألباني-: الجندي هذ ا قد وثِّق، وقال فيه البيهقي -تبعًا لشيخه الحاكم-: مجهول، ورده الذهبي في "المغني" بقوله: قلت: بل مشهور من شيوخ الشافعي، وقال الأزدي: منكر الحديث.