وقال البيهقي في "الدلائل" (٢/ ٣٦٥): وبمعناه رواه حماد بن زيد، عن عاصم إلا أنه لم يحفظ صفة البراق، وكأن حذيفة لم يسمع صلاته في بيت المقدس، وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة وغيره أنه صلى فيه، وأما الربط فقد رويناه أيضًا في حديث غيره، والبراق دآبة مخلوقة، وربط الدواب عادة معهودة، وإن كان اللَّه لقادر على حفظها، والخبر المثبت أولى من النافي. وقال ابن كثير في "التفسير" آية الإسراء: وهذا الذي قاله حذيفة -رضي اللَّه عنه- نفي وما أثبته غيره، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ربط الدابة بالحلقة، ومن الصلاة بالبيت المقدس، مما سبق وما سيأتي مقدم على قوله، واللَّه أعلم بالصواب. وقال ابن دحية في "الابتهاج في أحاديث المعراج" (ص ١٠٣): كان البراق لكرامته من حيث كرامة الراكب على الماشي غيره، ولذلك لم يمشي عنه إظهارًا لكرامة اللَّه تعالى له على ما جاء في حديث حذيفة: "ما زايل ظهر البراق". وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (١/ ٦٧): كأن حذيفة لم يبلغه أنه صلى في المسجد الأقصى، ولا ربط البراق بالحلقة. وقال السهيلي في "الروض الأنف" (٢/ ١٩٠): عن رواية بريدة السابقة وهي: "قال جبريل بإصبعه إلى الصخرة فخرقها فشد بها البراق وصلى" وأن حذيفة أنكر هذه الرواية وقال: لم يفر منه، وقد سخره له عالم الغيب والشهادة، وفي هذا من الفقه على رواية بريدة التنبيه على الأخذ بالحزم مع صحة التوكل، وأن الإيمان بالقدر -كما روي عن وهب بن منبه- لا يمنع الحازم من توقي المهالك. قال وهب: وجدته في سبعين كتابًا من كتب اللَّه القديمة وهذا نحوٌ من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قيدها وتوكل" فإيمانه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه قد سخر له، كإيمانه بقدر اللَّه وعلمه بأنه سبق في علم الكتاب ما سبق، ومع ذلك كان يتزود في أسفاره، ويعد السلاح في حروبه حتى لقد ظاهر بين درعين في غزوة أحد، وربطه للبراق في حلقة الباب من هذا الفن، وهو حديث صحيح، وقد رواه غير بريدة، ووقع في حديث الحارث بن أبي أسامة من طريق أنس، ومن طريق أبي سعيد وغيرهما - أعني ربطه للبراق في الحلقة التي كانت تربطه فيها الأنبياء، غير أن الحديث يرويه داود بن المحبر وهو ضعيف. وقال ابن حجر في "الفتح" (٧/ ٢٤٧): ووقع في حديث حذيفة عند أحمد قال: "أتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبراق فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس". فهذا لم يسنده حذيفة عن النبي =