إِنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: "كُلُكُمْ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ، وأنا مُثْنٍ عَلَى رَبِّي" فَقَالَ: "الحَمْدُ للَّه الَّذِي أرْسَلَنِي رَحْمَةً للعالَمِينَ، وَكَافَّةً لِلنَّاسٍ بَشِيرًا ونَذَيرًا، وَأَنزَلَ عَلَى الفُرقَانَ فِيهِ تِبْيانُ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ أُمّتِي وَسَطًا، وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمُ الأوَّلُونَ وَهُمُ الآخِرُونَ، وَشَرَحَ لِي صَدْرِي، وَوَضَعَ عَنِّي وِزْرِي، وَرَفَعَ لِي ذِكْرِي، وَجَعَلَنِي فَاتحًا خَاتِمًا". قَالَ إِبْرَاهِيمُ: بهَذَا فَضَلَكُم مُحَمَّد -قَالَ أَبُو جَعفَر، وَهُوَ الرَّازِي: خَاتِمُ النُبُوَّةِ، وَفَاتحٌ بِالشَّفَاعَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ- ثُمَّ أُتِيَ إِلَيْهِ بَآنِيَةٍ ثَلاثَةٍ مُغَطَّاةٌ أَفْوَاهُهَا، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنهَا فِيهِ مَاءٌ، فَقِيلَ: اشْرَبْ. فَشَرِبَ مِنهُ يَسِيرًا، ثُمَّ دُفعَ إِلِيهِ إِنَاءٌ آخَرُ فِيهِ لَبنٌ، فَقِيلَ لَهُ: اشْرَبْ. فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى رَوِيَ، ثُمَّ دُفعَ إِلَيهِ إِنَاءٌ آخَرُ فِيهِ خَمْرٌ، فَقِيلَ لَهُ: اشْرَبْ. فَقَالَ: "لَا أُرِيدُهُ قَد رَوِيتُ". فَقَالَ لَهُ جِبْرَائِيلُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَمَا إِنَّهَا سَتُحَرَّمُ عَلَى أُمَّتِكَ، وَلَوْ شَرِبْتَ مِنْهَا لَمْ يَتَّبِعْكَ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا القَلِيلُ. ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرَائِيلُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرَائِيلُ. قِيلَ: وَمَن مَعَكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالُوا: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوْا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الأَخُ، وَنِعْمَ الخَلِيفَةُ، وَنِعمَ المجِيءُ جَاءَ. فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ تَامِّ الخَلْقِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ، كَمَا يَنْقُصُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، عَلَى يَمِينِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ، وَعَنْ شِمَالِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ خَبِيثَةٌ، إِذَا نَظَرَ إِلَى البَابِ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَاستَبْشَرَ، وَإِذَا نَظَرَ إِلَى البَابَ الَّذي عَن شِمَالِه بَكَى وَحَزِنَ، فَقُلْتُ: "يَا جِبْرَائيِلُ، مَنْ هَذَا الشَّيْخُ التَّامُّ الخَلْقِ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ؟ ومَا هَذَانِ البَابَان؟ " قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمٌ، وَهَذَا البَابُ الَّذِي عَن يَمِينِهِ بَابُ الجَنَّةِ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ضَحِكَ وَاسْتَبْشَرَ، وَالبَابُ الَّذِي عَن شِمَالِهِ بَابُ جَهَنَّمَ، إِذَا نَظَرَ إِلَى مَن يَدْخُلُهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بَكَى وَحَزِنَ. ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute