والروايات المطولة ترفع الإشكال الواقع في لفظ مسلم وهو قوله: "ثم أنزلت". قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٢١٥): "ثم أنزلت" هو بإسكان اللام، وضم التاء، هكذا ضبطناه، وكذا هو في جميع الأصول والنسخ، وكذا نقله القاضي عياض -رحمه اللَّه- عن جميع الروايات، وفى معناه خفاء واختلاف. قال القاضي: قال الوقشى: هذا وهم من الرواة، وصوابه "تركت" فتصحف. قال القاضي: فسألت عنه ابن سراج فقال: أنزلت في اللغة بمعنى: تركت، صحيح وليس فيه تصحيف. قال القاضي: وظهر لى أنه صحيح بالمعنى المعروف في أنزلت، فهو ضد رفعت؛ لأنه قال: "انطلقوا بي إلى زمزم ثم أنزلت" أي ثم صرفت إلى موضعي الذي حملت منه. قال: ولم أزل أبحث عنه حتى وقعت على الجلاء فيه من رواية الحافظ أبي بكر البرقاني، وأنه طرف حديث، وتمامه: "ثم أنزلت عليَّ طست من ذهب مملوءة حكمة وإيمانًا". هذا آخر كلام القاضي عياض -رحمه اللَّه- ومقتضى رواية البرقاني أن يضبط: "أنزلت" بفتح اللام وإسكان التاء، وكذلك ضبطناه في "الجمع بين الصحيحين" للحميدي، وحكى الحميدي هذه الزيادة المذكورة عن رواية البرقاني، وزاد عليها وقال: أخرجها البرقاني بإسناد مسلم، وأشار الحميدي إلى أن رواية مسلم ناقصة، وأن تمامها ما زاده البرقاني، واللَّه أعلم.