للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِيَ أَمْرًا قَبِلَهُ وَإِنْ كَرِهَهُ كَتَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ القَاسِمُ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِنَبِيٍّ وَلَا لَكَ عَهْدٌ وَلَا مِيثَاقٌ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو إِدْرِيس (٦١٩): بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِذْ لَمْ تَلِينْ حَتَّى تَأَخُذَهُ؛ الْآنَ يَفِرُّ. قَالَ: وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَبدِ الملِكِ فَأَعْلَمَهُ بِأَمْرِ حَارِث، فَبَعَثَ عَبدُ الملِكِ فِي طَلَبِهِ فَلِمْ يَقْدِرَ، فَخَرجَ عَبْدُ الملِكِ فَنَزَلَ الصَّنْبَرَةَ، قَالَ: فَاتَّهَمَ عَامَّةَ عَسْكَرِهِ بِالحارِثِ أَنْ يَكُونوا يَرَوْنَ رَأيَهُ، وَخَرَجَ الحارِثُ حَتّى أَتَى بَيْتَ المقْدِسِ فَاخْتَفَى فِيهَا، وَكَانَ أَصْحَابُ الحارِثِ يَخْرُجُونَ يَلْتَمِسُونَ الرِّجَالَ يُدْخِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ قَدْ أَتَى بَيْتَ المقْدِسِ، فَأتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ الحارِثِ، فَقَالَ لَهُ: هَا هُنَا رَجُلٌ مُتَكَلِّمٌ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الوَليدُ: وَأَهْلُ البَصْرَةِ يَشْتَهُونَ الكَلَامَ، قَالَ: نَعَمْ. فَانْطَلَقَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الحارِثِ، فَأَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ، قَالَ: فَسَمعَ البَصْرِيُّ كَلَامًا حَسَنًا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌ مَبْعُوثٌ مُرْسَلٌ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ كَلَامَكَ حَسَنٌ؛ وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ. قَالَ: فَانْظُر، فَخَرَجَ البَصْريُّ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ كَلَامَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ كَلَامَكَ لَحَسَنٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي، وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ، هَذَا الدِّينُ المسْتَقِيمُ. قَالَ: فَأَمَرَ أَنْ لَا يُحْجَبَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ البَصْرِيُّ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَعْرِفَ مَدَاخِلَهُ وَمَخَارِجَهُ، وَأَيْنَ يَهْرَبُ، وَأَيْنَ يَذْهَبُ حَتَّى صَارَ مِنْ أَخَصِّ النَّاسِ بِهِ، ثُمَّ قاَلَ لَهُ: ائْذَنْ لِي. قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى البَصْرَةِ أَكُونُ أَوَّلُ دَاعِيةً لَكَ بِهَا. قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا إِلَى عَبدِ الملِكِ وَهُوَ بِالصَّنْبَرَةِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ سُرَادِقِهِ صَاحَ: النَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ. فَقَالَ أَهْلُ العَسْكَرِ: وَمَا نَصِيحَتُكَ؟ قَالَ: نَصِيحَةٌ لِأمِيرِ المُؤْمِنِينَ. حَتَّى دَنَا مِنْ أَميرِ المؤْمنينَ، فَأَمرَ عَبدُ الملِكِ أَنْ


(٦١٩) أبو إدريس هو: عائذ اللَّه بن عبد اللَّه بن عمرو. ويقال: عيذ اللَّه بن إدريس بن عائذ بن عبد اللَّه ابن عتبة بن غيلان بن مكين، أبو إدريس الخولاني، العوذي، روى عن: أبي بن كعب، وبلال المؤذن، وحذيفة بن اليمان، وغيرهم، مات سنة ثمانين. انظر "تهذيب الكمال" (٣٠٦٨).

<<  <   >  >>