للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٥ - قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمشْقَ":

قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: نَبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الحوطِي، نَبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُبَارَكٍ، نَبَأَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ، قَالَ: كَانَ الحارِثُ الكَذَّابُ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَكَانَ مَولًى لِأَبِي جلَاسٍ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ بالحولَةِ، فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ وَكَانَ رَجُلًا مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا؛ لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِن ذَهَبٍ لَرُؤِيَتْ عَلَيْهِ زَاهِدَةٌ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَى كَلَام أَحْسَنَ مِنْ كَلَامِهِ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى أَبيهِ وَهُوَ بِالحولَةِ: يَا أَبَتَاهُ، أَعْجِلْ عَلَيَّ؛ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطانُ قَدْ عَرَضَ لِي، قَالَ: فَزَادَهُ أَبُوهُ عَنَاءً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ؛ إِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُولُ: {تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (٦١٦) وَلَسْتَ بِأَفاكٍ وَلَا أَثِيم، فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ.

وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ المَسْجِدِ رَجُلًا رَجُلًا، فَيُذَاكِرَ لَهُمْ أَمْرَهُ وَيَأَخُذَ عَلَيْهِمْ بِالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ إِذْ هُوَ رَأَى مَا يَرْضَى قَبِلَ وإِلَّا كَتَمَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ يُريهِمُ الأَعَاجِيبَ: كَانَ يَأَتِي إِلَى رُخَامَةٍ فِي المَسْجِدِ يَنْقُرُهَا بِيَدِه فَتُسَبِّحُ، قَالَ: وَكَانَ يُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، كَانَ يَقُولُ لَهُمْ: اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيكُمُ الملَائِكَةَ. قَالَ: فَيُخْرِجَهُمْ إِلَى دِيرِ المرَانِ (٦١٧) فَيُرِيهِمْ رِجَالًا عَلَى جَبَلٍ، فَتَبِعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَفَشَا الأَمْرُ فِي المَسْجِدِ، وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ إِلَى القَاسِم بْنِ مُخَيْمِرِة (٦١٨) قَالَ: فعَرَض عَلى القَاسِمِ وَأَخَذَ عَليْهِ العَهْدَ وَالْميثَاقَ إِنْ هُوَ


(٦١٦) الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٢.
(٦١٧) المران هو: موضع بالشام قريب من دمشق ذكر في دير مُرَان. "معجم البلدان" (٥/ ١١٢).
(٦١٨) القاسم هو: القاسم بن مخيمرة الهمداني، أبو عروة الكوفي، سكن دمشق، روى عن: سليمان بن بريدة، وشريح بن هانئ، وأبي أمامة الباهلي، وغيرهم، مات سنة مئة أو إحدى ومئة. انظر "تهذيب الكمال" (٤٨٢٥).

<<  <   >  >>