للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فقال لي: يا بني، إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها. وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس؛ لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا واللَّه خير من الدين الذي نحن عليه، فواللَّه ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي، ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي، وشغلته عن عمله كله، قال: فلما جئته، قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم، فواللَّه مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلا، واللَّه إنه خير من ديننا، قال: فخافني فجعل في رجلي قيدًا، ثم حبسني في بيته، قال: وبعثت إلي النصارى، فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام، تجار من النصارى، فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشام، تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم، قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم، فاذنوني بهم. قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها، قلت: من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك، وأصلي معك، قال: فادخل. فدخلت معه، قال: فكان رجل سوء؛ يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع صغ قلال من ذهب وورق، قال: وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة، ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئًا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه. قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبًا وورقًا، قال: فلما رأوها قالوا: واللَّه لا ندفنه أبدًا. فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلًا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلًا ونهارًا منه، قال: فأحببته حبًّا لم أحبه من قبله، وأقمت معه زمانًا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان، إني كنت معك، وأحببتك حبًّا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر اللَّه، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني، واللَّه ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه؛ لقد هلك الناس، وبدَّلوا، وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلًا بالموصل، وهو: فلان، =

<<  <   >  >>