للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وتعقيبًا للشوكاني في (فتح القدير) (٥/ ٢٤٢)، قال: ولا يخفاك أن تفسير السور المذكور في القرآن في هذه الآية بهذا السور الكائن ببيت المقدس فيه من الإشكال ما لا يدفعه مقال، ولا سيما بعد زيادة قول: {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} هو المسجد، فإن هذا غير ما سيقت له الآية وغير ما دلت عليه، وأين يقع بيت المقدس أو صوره بالنسبة إلى السور الحاجز بين فريقي المؤمنين والمنافقين، وأي معنى لذكر مسجد بيت المقدس هاهنا، فإن كان المراد أن اللَّه سبحانه ينزع سور بيت المقدس ويجعله في الدار الآخرة سورًا مضروبًا بين المؤمنين والمنافقين، فما معنى تفسير باطن السور، وما فيه من الرحمة بالمسجد، وإن كان المراد: أن اللَّه يسوق فريقي المؤمنين والمنافقين إلى بيت المقدس فيجعل المؤمنين داخل السور في المسجد ويجعل المنافقين خارجه؛ فهم إذ ذاك على الصراط وفي طريق الجنة وليسوا ببيت المقدس، فإن كان مثل هذا التفسير ثابتًا عن رسول اللَّه قبلناه وآمنا به، وإلا فلا كرامة ولا قبول.
فائدة في صفة السور:
أقول: ولم يثبت النص في تفسير السور في الآية بسور بيت المقدس، ففي ذلك تكلف بل وتعسف وإخراج الآية عن المراد منها.
وقال ابن كثير: وقوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} قال الحسن، وقتادة: هو حائط بين الجنة النار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال اللَّه تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} (الأعراف: ٤٦). وهكذا روي عن مجاهد، رحمه اللَّه، وغير واحد، وهو الصحيح.
{بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} أي: الجنة وما فيها، {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} أي: النار. قاله قتادة، وابن زيد، وغيرهما.
قال ابن جرير: وقد قيل: إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم، ثم قال: حدثنا ابن البرقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوام -مؤذن بيت المقدس- قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول: إن السور الذي ذكر اللَّه في القرآن: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه، وظاهره وادي جهنم.
قال ابن فضل اللَّه العمري: صفة السور الشرقي: تقدم في قرفة السور القبلي مهد عيسى عليه السلام، وشماليه رواق معقود على ستة عقود قد خربت مساطبه من العمائر القديمة، وبعض أرضه مبسوطة بالفص، طوله ثلاثة وأربعون ذراعًا، ومن جانبه للقبلة كشف إلى حد مهد عيسى.
شمالي هذا الرواق على مضي ثلاثمئة ذراع مسجد باب الرحمة، وطوله من الشرق للغرب ثلاثون ذراعًا، وعرضه قبلة وشمالًا أربعة عشر ذراعًا ونصف، وسعة محرابه ثلاثة أذرع وربع، يصلي فيه إمام مفرد، وهو معقود بالحجر المنحوت ست قباب: اثنان مرتفعتان، وأربعة منبسطة على عمودين صوان =

<<  <   >  >>