قلت: وللحديث شاهد: قال القاسم بن سلام: حدثني هشام بن عمار، نا الهيثم بن عمران، سمعت جدي يقول: لمَّا ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية، وكانت دمشق تشتعل طاعونًا، فهمَّ أن يدخلها، فقال له أصحابه: أما علمت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا حل بكم الطاعون فلا تهربوا منه، ولا تأتوه حيث هو"، وقد علمت أن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قرحانون لم يصبهم طاعون قط، فأرسل عند ذلك رجلًا من جديلة ولم يدخلها هو إلى بيت المقدس فافتتحها صلحًا، ثم أتاها عمر ومعه كعب، فقال: يا أبا إسحاق، الصخرة؛ أتعرف موضعها؟ قال: أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعًا، وهي مزبلة، ثم احفر فإنك ستجدها، فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد؟ قال: اجعله خلف الصخرة فتجمع القبلتين قبلة موسى عليه السَّلام وقبلة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: ضاهيت اليهودية واللَّه يا أبا إسحاق؛ خير المساجد مقدمها، فبناه في مقدم المسجد. أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٣٨٤)، وعنه ابن زنجويه في "الأموال" (٥٠٧)، وأخرجه ابن المرجا في "فضائل بيت المقدس" (ص ٦٤ - ٦٥)، وابن عساكر في "تاريخه" (٢/ ١٧١)، وابنه في "الجامع المستقصى" (ق ١٧٣ أ)، عن هشام بن عمار به. الهيثم بن عمران بن عبد اللَّه بن أبي عبد اللَّه الشامي، ذكره ابن حبان في "الثقات" (٣٣٥)، وابن أبي حاتم في "الجرح" (٩/ ٨٢)، وذكر ابن أبي حاتم الرواة عنه فبلغوا ثلاثة، ونصَّ على تسمية جده، وهو عبد اللَّه بن أبي عبد اللَّه. قلت: هو مترجم له في "التاريخ الكبير" (٥/ ١٢٩)، وابن حبان في "ثقاته" (٥/ ٦٣). وانفرد بالرواية عنه ابن ابنه الهيثم بن عمران، وقد ترجم له ابن عساكر في "تاريخه" (٢٧/ ٢٤٤)، ونقل بإسناده عن يعقوب بن شيبة، قال: قال جدي يعقوب: عبد اللَّه بن أبي عبد اللَّه لم يلق عمر، وإنما يحدث عن مكحول، ويحدث عن أبيه، عن عمر. قلت: وهذه علة ثانية؛ وهي الانقطاع بينه وبي عمر، والأولى جهالته، وحفيده لا يعلم بعدالة، فالإسناد ضعيف، والأثر له طرق أخرى: قال ابن عساكر في "الجامع المستقصى" (ق ١٧٥): أبنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أشليها المصري، أبنا أبو الفضل أحمد بن علي بن طاهر بن الفرات، أبنا أبو محمد بن أبي نصر، أبنا أبو القاسم بن أبي العقب، أبنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، ثنا =