للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذُو الْقَرْنَيْنِ آخِرُ مَنْ كَانَ فِي الملُوكِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، قَدْ أَوْسَعَ أَهْلَ الْأَرْضِ عَدْلًا، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ الأرْضِ مِنْ أَهْلِ الخيْرِ، وَقَدْ كَانَ كَبُرَ، وَدَقَّ عَظْمُهُ، وَنَحِلَ جِسْمُهُ، وَطَعَنَ فِي السِّنِّ، وَانْقَضَى عُمُرُهُ، وَأَصَابَ نَهَمَتَهُ مِنَ المشْرِقِ إِلَى المغْرِبِ فِي جَمِيعِ الْبِلادِ وَلَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلَه، وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فِي كِتَابِهِ (١٠٢): {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} (١٠٣) فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَرْضِ بَيْتِ المقْدِسِ، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْم أَنَّهُ بِدُومَةَ الجنْدَلِ (١٠٤) رَجَعَ إِلَيْهَا مِنْ بَيْتِ المقْدِسِ، وَقَبْرُهُ بِهَا الْيَوْمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذلِكَ كَانَ، وَلَم يَكُنْ لَهُ بِبَيْتِ المقْدِسِ كَبِيرُ عُمْرٍ، وَقَدْ كَانَ بَلغَ السِّنَّ فَأَدْرَكَهُ الْكِبَرُ، وَكَانَ عَدَدُ مَا سَافرَ فِي الْبلَادِ مُذْ يَومِ بَعَثَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى يَوْمِ قُبْضَ فِيهِ خَمْسُمِئَةِ عَامٍ (١٠٥).

فِي نُسْخَةِ الْكِتَابِ الَّذِي أنْبَأنَا بِبَعْضِهِ الْفَقِيهُ أَبُو الحسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْفَارِض إِذْنًا، أَبَنَا أَبُو الحسَنِ عَلِيُّ بْنُ الحسَنِ، أَبَنَا المشَرَّفُ بْنُ المرَجَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ، فَذَكَرَ الحدِيثَ الّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ - قَالَ: وَكَانَ فِي الْقُدُسِ فِي زَمَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ -وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَرْسَخًا فِي أَرْبَعِينَ فَرْسَخٍ- قَبْرُ إِبْرَاهِيمَ، وَقَبْرُ سَارَةَ، وَقَبْرُ إِسْحَاقَ، وَقَبْرُ يَعْقُوبَ، وَقَبْرُ رَاحِيلَ أُمِّ يُوسُفَ امْرَأَةِ يَعْقُوبَ، وَقَبْرُ


(١٠٢) كذا العبارة في "الأصل"، ولعل صوابها: (وقد بين اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- ذلك في كتابه قال:).
(١٠٣) الكهف: ٨٣ - ٨٤.
(١٠٤) دومة الجندل: من أعمال المدينة سميت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم، وقيل: لمَّا أكثر ولد إسماعيل -عليه السلام- بتهامة خرج دوماءُ بن إسماعيل حتى نزل موضع دومة وبنى به حصنًا فقيل دوماءُ ونسب الحصن إليه وهي على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر "معجم البلدان" (٢/ ٥٥٤).
(١٠٥) (إسناده منقطع)
وأخرج ابن عساكر قصة السلسلة في "تاريخ دمشق" (١٧/ ١٠٣) عن وهب بن منبه.

<<  <   >  >>