للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جارية، أو جبلًا، أو مغارةً، سواء قصدها ليصلي عندها أو ليدعو عندها، أو ليقرأ عندها، أو ليذكر اللَّه سبحانه عندها، أو لينسك عندها، بحيث يخص تلك البقعة بنوعٍ من العبادة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به، لا عينًا ولا نوعًا.

وأقبح من ذلك: أن ينذر لتلك البقعة دهنًا لتنوَّر به، ويقول: إنها تقبل النذر، كما يقول بعض الضالين. فإن هذا النذر نذر معصية باتفاق العلماء، لا يجوز الوفاء به، بل عليه كفارة يمين عند كثير من أهل العلم، منهم: أحمد في المشهور عنه، وعنه رواية هي قول أبي حنيفة والشافعي وغيرهما: أنه يستغفر اللَّه من هذا النذر، ولا شيء عليه. والمسألة معروفة.

وكذلك إذا نذر طعامًا من الخبز أو غيره للحيتان التي في تلك العين أو البئر، وكذلك إذا نذر مالًا من النقد أو غيره للسدنة، أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة، فإن هؤلاء السدنة فيهم شبه من السدنة الذين كانوا للَّاتِ والعزى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل اللَّه، والمجاورون هناك فيهم شبه من العاكفين الذين قال لهم الخليل إبراهيم إمام الحنفاء -صلى اللَّه عليه وسلم-: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (١٣) {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (١٤) والذين أتى عليهم موسى عليه السلام وقومه بعد مجاوزتهم البحر كما قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (١٥).

فالنذر لأولئك السدنة والمجاورين في هذه البقاع التي لا فضل في الشريعة للمجاورين فيها: نذر معصية، وفيه شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورين


(١٣) الأنبياء: ٥٢.
(١٤) الشعراء: ٧٥ - ٧٧.
(١٥) الأعراف: ١٣٨.

<<  <   >  >>