للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعًا من التنظيم في جو العبادة الطهور .. " (١).

وقد أساء بعض المسلمين فهم كلام سيد السابق، وبنوا عليه نتائج خطيرة خاطئة، حيث تركوا الصلاة في مساجد المسلمين في هذا الزمان لأنها "معابد الجاهلية"، واتخذوا زوايا بيوتهم مساجد، وتركوا الجُمَع والجماعات، وكفَّروا رواد المساجد من المصلين.

صحيح أن سيد لم يقل تلك الترهات، لكن استنتاجه السابق من الآية غير دقيق، والأمر الذى خرج به من الآية وهو اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، غير منضبط ويمكن أن يوسع ويستدل به لأحكام خاطئة! ولا يمكن أن نطبقه على مساجد المسلمين القائمة، ولا أن نقول بترك صلاة الجماعة فيها … وإذا فعلنا ذلك فماذا نفعل في الأحاديث الصحيحة حول إجابة النداء للجماعة والسعى إلى المساجد؟، وبمن نتوجه للدعوة إن نحن هجرنا رواد المساجد وجمهور المجتمع، واعتزلناهم في زوايا بيوتنا؟؟

ولذلك لا نرى تعميم هذا الأمر الذي صدر إلى بني إسرائيل زمن موسى ، على المسلمين المعاصرين، بل يجب قصره عليهم، فشرع من قبلنا ليس شرعًا لنا، وبخاصة إذا أتى شرعنا بضده ومقابله، كما في الأمر السابق لبنى إسرائيل والأوامر لنا بصلاة الجماعة.

وقد وقف الأستاذ سالم البهنساوى وقفة مطولة - مخلصة - أمام كلام سيد السابق، واعتذر عن سيد فيه، وحمله على حالة خاصة، وجعله لا يطبق علينا إلا وفق ضوابط وقيود دقيقة، وأورد كلامًا لعلماء سابقين، ومفسرين مختلفين حول تلك الآية، والأحكام التي تستخرج منها (٢).


(١) الظلال ٣: ١٨١٦.
(٢) انظر: "الحكم وقضية تكفير المسلم": ٢٦١ - ٢٧٣، وتفسير الطبري ١٥: ١٧١ - ١٧٦.