الرابع عشر: حديثه عن معابد الجاهلية واعتزالها، وتعميم أمر موسى ﵊ لبنى إسرائيل بجعل بيوتهم قبلة. تعميم هذا على المسلمين في بعض الأحيان. ذهب إلى ذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ .. ﴾ (١)
قال في تفسير تلك الآية:"وتلك هى التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية، وهما معًا ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات، ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية، ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هى السلاح الأول في المعركة، وأن الأداة الحربية في يد الجندى الخائر العقيدة، لا تساوى شيئًا كثيرًا في ساعة الشدة .. ".
"وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة، ليست خاصة ببنى إسرائيل، فهى تجربة إيمانية خالصة … ".
ويسجل ما تستفيده العصبة المسلمة من تلك الآية، ويضع الضوابط التي لا بد من توفرها لتعمل كما عمل أصحاب موسى ﵊ ويستخلص الخطة التي تسير فيها تلك العصبة بقوله: وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذت يوم مطاردين في المجتمع الجهلى، وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة - وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة - وهنا يرشدهم الله إلى أمور:
١ - اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها - ما أمكن في ذلك - وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها.