للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتصدية ومكاء! تتوالى على حسهم تلك الطرقات والصيحات المنبثقة من سور هذا الجزء كله بإيقاع واحد ونذير واحد: إصحوا، إستيقظوا، أنظروا، تلفتوا، تفكروا، تدبروا: إن هنالك إلهًا، وإن هناك تدبيرًا، وإن هنالك تقريرًا، وإن هنالك ابتلاءً، وإن هنالك تبعة، وإن هنالك حسابًا، وإن هنالك جزاء، وإن هنالك عذابًا شديدًا، ونعيمًا كبيرًا .. إصحوا. إستيقظوا. انظروا. تلفتوا. تفكروا. تدبرو … وهكذا مرة أخرى وثالثة ورابعة وخامسة … وعاشرة ومع الطرقات والصيحات يد قوية تهز النائمين المخمورين السادرين هزًا عنيفًا .. وهم كأنما يفتحون أعينهم وينظرون في خمار مرة، ثم يعودون لما كانوا فيه. فتعود اليد القوية تهزهم هزًا عنيفًا، ويعود الصوت العالي يصيح بهم من جديد، وتعود الطرقات العنيفة على الأسماع والقلوب … وأحيانًا يستيقظ النوّم ليقولوا .. في إصرار وعناد .. لا. ثم يحصبون الصائح المنذر المنبه بالأحجار والبذاء .. ثم يعودون لما كانوا فيه. فيعود إلى هزهم من جديد .. " (١).

قلت: فهل خرج الظلال عن ذلك؟!؛ تبيين هدايات القرآن وتعاليمه وحكمة الله فيما شرع للناس على وجه غاية في البلاغة تجذب الأرواح وتفتح القلوب وتدفع النفوس إلى الاهتداء بهدى الله، فعلى كلام الزرقاني؛ فهذا خليق باسم التفسير.

• ميزان المدح والذم للتفسير:

قال الزرقاني:

ثم إن هناك ميزانًا لما يحمد من التفسير وما يذم، وهو الفيصل الذي يجب أن


(١) الظلال ٦: ٣٨٠٠، انظر في ذلك كتاب "في ظلال القرآن في الميزان" ص ٣٩٦ - ٤٠١.