للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهم أحياء عند الله .. أما صورة حياتهم أما صورة حياتهم عنده فنحن لا ندرى لها كيفًا. وكذلك صورة حياة عيسى وهو هنا يقول لربه: إنني لا أدرى ماذا كان منهم بعد وفاتي … " (١).

فرأى سيد الأخير في أن عيسى قد توفاه الله على الأرض ثم رفعه إليه، مخالف لرأى جمهور العلماء وجمهور المفسرين الذين يرون أنه رفع إلى السماء بروحه وجسده، وأنَّه حي هناك وأنَّه ينزل قبل قيام الساعة (٢).

صحيح أن القرآن لم يصرح برفع عيسى إلى السماء بروحه وجسده، ولم تصرح بذلك الأحاديث الصحيحة التي تقرر نزوله قبل قيام الساعة (٣)، لكن يفهم من الآيات ومن الأحاديث أنه رفع بالروح والجسد، وطالما أن جمهور الصحابة والتابعين فهموا ذلك، فالأولى أن لا نخالفهم ..

ولم يقل سيد شيئًا في الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي تقرر نزول عيسى في آخر الزمان على الأرض ليحكم بالإسلام. وكيف ينزل إذا كان قد توفى على الأرض ثم رفع إلى السماء؟ والنصوص تخبرنا أنه من خرجت روحه من جسده، فلا تعود إليه إلا عند البعث!!، وعيسى ينزل قبل يوم البعث!! ثم كيف يجمع الله على عيسى موتتين؟

قال الإمام الطبري في ترجيح رفع عيسى بروحه وجسده ونزوله في آخر الزمان: "ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله ﷿، لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى، فيجمع عليه ميتتين؛ لأن الله ﷿ إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يميتهم ثم يحييهم. كما قال جل ثناؤه: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ .. ﴾ (٤).


(١) الظلال ٢: ١٠٠١.
(٢) انظر تفسير ابن كثير ١: ٥٧٣ - ٥٨٤، وتفسير الطبرى ٦: ٤٥٥ - ٤٦١، و ٩: ٣٧٨ - ٣٨٩.
(٣) أورد ابن كثير في تفسيره طائفة من تلك الأحاديث ١: ٥٧٨ - ٥٨٣.
(٤) الروم: ٤٠، والعبارة عند الطبرى ٦: ٤٦٠.