للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المشهد ممثلًا في حسّه كأنه يراه، وإنه ليسمع دقات هذا الكون وإيقاعاته تسابيح لله .. وإنه ليشارك كل كائن في هذا الوجود صلاته ونجواه … " (١).

ومن ثم يربط القرآن في آيات كثيرة بين الإنسان وبين الكون، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ .. ﴾ (٢)، فهذا الكون بذاته: "كتاب مفتوح، يحمل بذاته دلائل الإيمان وآياته ويشى بما وراءه من يد تدبره بحكمة … وهذه الحقيقة تمثل أحد مقومات التصور الإسلامي عن هذا الكون، والصلة الوثيقة بينه وبين فطرة الإنسان، والتفاهم الداخلى الوثيق بين فطرة الكون وفطرة الإنسان … " (٣).

ولذلك يكون للنظر "في كتاب الكون، والتعرف إليه أثر في القلب البشري، وقيمة في الحياة البَشرية … والناس قطعة من هذا الكون، لا تصح حياتهم ولا تستقيم، إلا حين تنبض قلوبهم على نبض هذا الكون، وإلا حين تكون الصلة وثيقة بين قلوبهم وإيقاعات هذا الكون الكبير". وكل معرفة علمية ببعض ما في الكون وظواهره يجب أن تستحيل "في الحال إلى إيقاع في القلب البشرى، وإلى ألفه مؤنسة بهذا الكون، وإلى تعارف يوثق أواصر الصداقة بين الناس والأشياء والأحياء … " (٤).

ولكن هذا الكون الخاشع المنيب، لا يفتح كنوزه إلا لمن يشاركه العبودية والخضوع لله، ولا يفيض خيراته إلا للمؤمنين، ولا تعم بركاته إلا من استسلم لله والتزم منهجه، وأناب إليه. ولذلك العلاقة وثيقة، بين القيم الإيمانية والقيم الواقعية في حياة الناس، والصلة متينة بين الإنسان وبين الكون، وطبيعة الكون ونواميسه الكلية متصلة بالحق الذى يحتويه هذا الدين. ولهذا وردت في القرآن الكريم أمثال هذه الآيات: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ


(١) الظلال: ٤/ ٢٥٢١ - ٢٥٢٢.
(٢) آل عمران: ١٩٠.
(٣) الظلال: ١/ ٥٤٣.
(٤) انظر الظلال: ٢/ ٣٣٥٩ - ٣٣٦٠.