للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحذف مفعوله من الآية، وانطلاقًا من القاعدة المعروفة: "حذف المعمول يفيد العموم"، قد أتى في لوحة بيانية ساحرة نماذج من الإفضاءات بين الزوجين فقال: "ويدع الفعل: "أفضى" بلا مفعول محدد، يدع اللفظ مطلقًا، يشع كل معانيه ويلقى كل ظلاله، ويسكب كل إيحاءاته ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانيات والتصورات، والأسرار والهموم، والتجاوب من كل صوره من كل صور التجاذب يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة أناء الليل وأطراف النهار .. إلى آخره (*).

أما عن البند الثالث: وهو تقديم الحقيقة على المجاز .. إلخ.

فلسيد قطب شواهد كثيرة في ظلاله على تقديمه للحقيقة على المجاز، من ذلك تفسيره لقوله تعالى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، قال: "ولا حاجة لتأويل النص عن ظاهر مدلوله، فالله يقول ونحن لا نعلم شيئًا عن طبيعة هذا الوجود وخصائصه أصدق مما يقوله الله عنه: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، تعنى "سبح لله ما في السموات والأرض" لا تأويل ولا تعديل، وبعد أن يورد مجموعة من الآيات والأحاديث التي تقرر هذه الحقيقة يعقب عليها بقوله: "ولا داعى لتأويل هذه النصوص الصريحة لتوافق مقررات سابقة لنا عن طبائع الأشياء غير مستمدة من هذا القرآن" (١).

ولعل قوله الآتي يجلى منهجه أيضًا في حمل الكلام على الحقيقة أولًا.

بقول: "إن هنالك قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنية لعل هنا مكان تقريرها، إنه لا يجوز لنا أن نواجه النصوص القرآنية بمقررات عقلية سابقة، لا


(*) انظر "في ظلال القرآن في الميزان" ص ٣٩٥ - ٤٠١، فقد نقل الدكتور صلاح الخالدي أمثلة على ذلك في الظلال: ١/ ٣٣٢، ٦٠٦ - ٦٠٧، ٢/ ١١٥٢، ٣/ ١٧٨١ - ١٧٨٢، ٤/ ٢٠٣٢، ٦/ ٨٠٠، وتقدمت هذه الأمثلة برمتها في الفصل السابق ص ٣٩ - ٤٤.
(١) الظلال: ٦/ ٣٤٧٧، ٣٤٧٨، نقلًا عن المصدر السابق.