للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتمضى الشؤون وتقضى الأمور بإرادته وأمره - وهذه هي الربوبية بمعناها اللغوى والواقعي".

"ويقف أمام قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ﴾ ليقول: "وقد قلنا: إن قضية الألوهية لم تكن محل إنكار جدى من المشركين، فقد كانوا يعترفون أن الله - سبحانه - هو الخالق الرازق المحيى المميت المدير المتصرف القادر على كل شيء .. ولكن هذا الاعتراف لم تكن تتبعه مقتضياته، فلقد كان مقتضى هذا الاعتراف بألوهية الله على هذا المستوى، أن تكون الربوبية له وحده في حياتهم، والربوبية تتمثل في الدينونة له وحده … ".

أما عن البند الثاني من بنود ميزان المدح والذم للزرقاني: والذي جاء فيه إرداف ذلك بالكلام على التراكيب من جهة الإعراب والبلاغة على أن يتذوق ذلك بمحاسنه البيانية.

قال الدكتور صلاح الخالدى: حبا الله سيد قطب - فيما حباه - موهبة بيانية نماها وغذاها فصار صاحب اسلوب بيانى مشرق وعبارات أدبية بليغة وصياغة فنية ساحرة مؤثرة، حيث جمع بين الفصاحة والبلاغة، وبين العذوبة والسلاسة، وبين العرض الحى والتصوير المؤثر، وأضاف إلى هذا انفعاله الحى وخواطره الحية ومعايشته الحية حيث خرجت كلماته من قلبه لا من عقله أو لسانه .. وبهذه الوسيلة كان - قبل أن يقبل على القرآن - في طليعة الأدباء والنقاد في مصر، ثم أقبل على نصوص القرآن وعرضها بهذه الموهبة فجاء تفسيره لها أدبيًا ساحرًا وبليغًا مؤثرًا.

ثم قال: من سمات الظلال - إذًا - العرض البياني الحي المشرق، وكله تظهر فيه هذه السمة، ولكننا - في هذا المبحث - سنختار (قطعًا) فنية من الظلال، ثم أورد من هذه النماذج قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ (١)، استوقفه الفعل أفضى


(١) النساء: ١٠ - ٢١.