للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في ألم أو أمل إفضاء، وفى كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء. وفي كل شوق إلى خلف إفضاء، وفى كل التقاء في وليد إفضاء.

كل هذا الحشد من التصورات والظلال والأنداء والمشاعر والعواطف يرسمه ذلك التعبير الموحى العجيب: "وقد أفضى بعضكم إلى بعض" فيتضاءل إلى جواره ذلك المعنى المادى الصغير، ويخجل الرجل أن يطلب بعض ما دفع، وهو يستعرض في خياله وفي وجدانه، ذلك الحشد من صور الماضي، وذكريات العشرة في لحظة الفراق الأسيف .. " (١).

وفي تعريفه الفنى بسورة الأنعام، وصورها وظلالها، وسياقها ومشاهدها، وتناسقها وتأثيرها قدم هذا بأسلوب أدبى بليغ، وعرض بياني مشرق، وذلك في تعريفه بالدرس (٢) الذي يعرض صفحات من كتاب الكون المفتوح قال:

"إن هذه السمات (سمات سورة الأنعام) كلها تتجلى في هذا الدرس، على أتمها وأوفاها .. إن القارئ يحسّ كأن المشاهد تنبثق انبثاقًا هي ومدلولاتها في التماع ولألاء .. وهى تتدافع في انبثاقها أمام الحسّ، كما تتدافع إيقاعات التعبير اللفظى عنها للتناسق معها. والمشاهد والتعبير يتوافيان كذلك مع المدلولات التي يعبران عنها، ويهدفان إليها ..

إن كل مشهد من هذه المشاهد كأنما هو انبثاقة لامعة رائعة تجي من المجهول، وتتجلى للحواس والقلب والعقل في بهاء أخاذ ..

والعبارة ذاتها كأنما هي انبثاقه كذلك، وإيقاع العبارة يتناسق في بهاء مع المشهد ومع المدلول، يتناسق معه في قوة الانبثاق، وفي شدة الألاء.

وتتدفق المدلولات والمشاهد والعبارات في موجات متلاحقة، يتابعها الحسّ في بهر! وما يكاد يصل مع الموجة إلى قرارها حتى يجد نفسه مندفعًا مرة أخرى مع موجة جديدة .. كالذى حاولنا أن نصف به السورة في مطالعها من قبل.


(١) الظلال: ١/ ٦٠٦ - ٦٠٧.
(٢) الآيات: ٩٥ - ١١١ من سورة الأنعام.