للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

* وإذا كان الجرح من قرين لسيد قطب فهذا لا يُعبأ به، كما قال الذهبي في كلام الأقران بعضهم في بعض. وقال غيره كلام الأقران بعضهم في بعض يُطوى ولا يُروى (*).

* أما إذا لم تظهر قرائن العصبية أو الهوى أو غير ذلك، ولم يكن عند المدافع أو المعدل ما يردّ به هذا الخطأ سلمنا بالخطأ الذي وقع فيه سيد قطب، لكن تبقى كلمة يحيى بن معين وتعليق المعلق عليها بأن الراوى إنسان معرض للوقوع في الخطأ: "ومن لم يخطأ في الحديث فهو كذاب"، وما تقدم من كلام الشيخ الألباني من أن هذا الكلام لم يخرج من معصوم إلى آخر كلام السلف في هذا الباب.

ويبقى سؤال: هل هذا الخطأ الذي وقع فيه سيد قطب صاحبه عناد وإصرار وعدم رجوع عنه إذا ما أطلع عليه؟ والذي يظهر لى من سيرته أنه كان رجّاعًا للحق، وهاكم الأمثلة التي ضربها الأستاذ محمد توفيق بركات ليدلل بها على ذلك:

المثال الأول: قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ … ﴾ بعد قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ … ﴾.

ذهب سيد قطب في الطبعة الأولى من "الظلال" إلى أنه لا يوجد نسخ، وإنما معنى "الذين يطيقونه" من لا يطيق صيامه كالشيخ العجوز، فله أن يطعم مسكينًا عن كل يوم، وهذا المعنى ذهب إليه بعض السَّلَف كابن عباس .

ثم عاد في الطبعة الثانية - قبل المنقحة - مخطِّئ موقفه، وذكر أن ناسًا نبهوه إلى وجود النسخ الثابت بالروايات الصحيحة، فقال بالنسخ وشكر من دله وذكره بالآثار.

المثال الثاني: قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ


(*) انظر رسالة منهج أهل السُّنَّة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم للشيخ الصويان.