قال: لم!؟ … وفيه:"قال: لا يرض عنك قومك حتى تقول فيه. قال: فدعنى حتى أفكر فيه، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر يأثره عنه غيره، فنزلت: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾.
قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط البخاري. وأقره الذهبي، وهو بخلاف ما قالا: فإن إسحاق بن إبراهيم ليس هو ابن راهوية خلافًا لما ذهب إليه الحاكم وتبعه عليه الذهبي ومن بعدهم من المحققين، فقد وقع عند الواحدى نسبته وإن كان وقع فيها تحريف، ففى طبعة أسباب النزول، وبهامشه الناسخ والمنسوخ: "اللزبرى"، وفى طبعة دار الحديث "الربرى". والصواب كما هو واضح ومعلوم أنه "الدبرى" صاحب عبد الرزاق، وليس هو من رجال البخارى ولا مسلم، بل إن ابن الصلاح قال في مقدمته (٣٥٦): وجدت فيما روى عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبرى عن عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدًا، فأحلت أمرها على ذلك، فإن سماع الدبرى منه متأخر جدًا، قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبرى ست سنين أو سبع سنين اهـ.
وغير ذلك أن ابن راهوية لم يذكر ممن حدث عنه محمد بن علىّ الصنعاني.
قلت: ويعكر على ما تقدم أن ابن كثير في "سيرته" (١/ ٤٩٨) ذكره فقال: إسحاق بن راهوية: حدثنا عبد الرزاق فذكر إسناد الحاكم عن ابن عباس مثله ثم قال: هكذا رواه البيهقي عن الحاكم، عن عبد الله بن محمد الصنعاني بمكة عن إسحاق به.
لكن أخرج البيهقي في "دلائله" (٢/ ١٩٩ - ٢٠١) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر المواسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيًا واحدًا، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضًا، ويرد قول بعضكم بعضًا … وفيه: "فقولوا هو ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته … إلخ"