وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة، فإن قيل: إن الفقهاء قاطبة أوردوه في كتبهم واعتمدوا عليه. قيل: هذه طريق والخلف قلد فيها السلف، فإن أظهروا طريقًا غير هذا مما يثبت عند أهل النقل رجعنا إلى قولهم وهذا مما لا يمكنهم ألبته اهـ.
ثم نقل عن ابن القيم في "أعلام الموقعين" دفاعه عن هذا الحديث فقال: فهذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك لأنه يدل على شهرة الحديث، وأن الذي حدثه به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم ولو سمى، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى، ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث، وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به.
قلت: رحم الله ابن القيم! لقد أجهد نفسه في الدفاع عن هذا الحديث، ونحن نسلم له بأن أصحاب معاذ ﵁ من أهل العلم والدين والفضل والصدق - كما قال - ولكن لا نُسلِّم له في الحارث بن عمرو الذي روى عن أصحاب معاذ ﵁، فهو مجهول، ولا يصح حديثه، كما قال إمام الجرح والتعديل أبو عبد الله وغيره.
وإن كان ابن القيم ﵀ يظن أن الحارث لم ينفرد بالحديث لشهرته فأين هذا المتابع له؟ فإن هذا العلم لا يقام على الظن والتخمين.
وأما وجود شعبة في إسناده فلا يعد من شروط تصحيح الحديث كما هو معلوم في قواعد الحديث، ولم يعرِّف جهالة الحارث بن عمرو، ولا أظن وجود شعبة في الإسناد غفل على البخاري، والترمذي، والدارقطني، وابن عون، وابن الجوزى، الجوزقاني وغيرهم عندما ضعفوا هذا الحديث والله أعلم.
ثم نقل عن أبي بكر الخطيب قال: وقد قيل إن عبادة بن نسى رواه عن عبد والرحمن بن غنم، عن معاذ، وهذا إسناد متصل رجاله معروفون بالثقة على أن