وكلاهما لا يصح، قال: وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب "أصول الفقه" والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ. قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالمًا بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة".
قلت: يعنى الحافظ: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة، ومع أن كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه، فإنه قال: "والحديث مدون في الصحاح، متفق على صحته، لا يتطرق إليه التأويل كذا قال ﵀ وقد أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" من رواية عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا، لكان كافيًا في صحة الحديث اهـ.
قلت: وراية عبد الرحمن بن غنم، أخرجها ابن ماجه في المقدمة باب اجتناب الرأى والقياس. (١/ ٢٠ / ح ٥٥) من طريق يحيى بن سعيد الأموى، عن محمد بن سعيد بن حسان، عن عبادة بن نسى، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ قال: لما بعثني رسول الله ﷺ إلى اليمن قال: "لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم. وإن إشكل عليك أمر فقف حتى تبينه أو تكتب إليَّ فيه".
قال ابن القيم في "تهذيب السنن"(٩/ ٥٠٩): وهذا أجود إسنادًا من الأول، ولا ذكر فيه للرأى".
قلت: لعله جوده لاتصال سنده دون الأول، وإلا فإن إسناده فيه محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدى، الشامي، المصلوب، قال في "التقريب" كذبوه. وقال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث. وقال أحمد: قتله المنصور على الذندقة، وصلبه.
وقال في "عون المعبود" (٩/ ٥١٠): وهذا حديث أورده الجوزقاني في "الموضوعات" وقال: هذا حديث باطل رواه جماعة عن شعبة، وقد تصفحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه فلم أجد له طريقًا غير هذا، و الحارث بن عمرو هذا مجهول