للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إِلَيْهَا تَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ مُنْقَضَّةً، وَعِيسَى -عليه السلام- يَبْكِي وَيَقُولُ: إِلَهي اجْعَلْنِي لَكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، إِلَهِي كَمْ أَسْأَلُكَ مِنَ العَجَائِبِ وَتُعْطِينِي، إِلَهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَنْزَلْتَهَا غَضَبًا وَرِجْزًا، اللَّهُمَّ رَبَّنَا اجْعَلْهَا عَافِيَةً وَسَلامَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا مُثْلَةً وَلَا فِتْنَةً، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ عِيسَى -عليه السلام-، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَجِدُونَ رِيحًا طَيِّبَةً لَمْ يَجِدُوا مِثْلَهَا قَطُّ، فَخَرَّ عِيسَى سَاجِدًا وَالحَوَارِيُّونَ مَعَهُ، وَبَلغَ اليَهُودَ ذَلِكَ فَأُمْلِئُوا غَمًّا وَكَمَدًا يَنْظُرُونَ أَمْرًا عَجِيبًا، فَإِذَا مِنْدِيلٌ مُغَطَّى عَلَى السُّفْرَةِ، وَجَاءَ عِيسَى -عليه السلام- فَقَالَ: مَنْ أَوْثَقُنَا بِنَفْسِهِ وَأَحْسَنُنَا يَقِينًا عِنْدَ رَبِّنَا فَلْيَكْشِفْ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهَا، وَنأْكُلَ مِنْها، وَنُسَمِّيَ رَبَّنَا وَنَحْمَدَ إِلَهَنَا تَعَالَى. فَقَالَ الحَوَارِيُّونَ: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ يَا رُوحَ اللَّهِ.

قَالَ: فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا جَدِيدًا، وَصَلَّى صَلَاةً طَوِيلَةً، وَدَعَا دُعَاءً كَثِيرًا، وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ السُّفْرَةِ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الرَّازِقِينَ. وَكَشَفَ المِنْدِيلَ، وَإِذَا هُوَ بِسَمَكَةٍ مَشْوِيَّةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا قُشُورٌ، وَلَيْسَ لهَا شَوْكٌ، تَسِيلُ سَيْلًا مِنَ الدَّسَمِ قَدْ نُضِّدَ حَوْلَهَا البَقْلُ مَا خَلا الكُرَّاثَ، وَإِذَا خَلٌّ عِنْدَ رَأْسِهَا، وَمِلْحٌ عِنْدَ ذَنَبِهَا، وَسَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ، وَعَلَى سَابِعِهَا حَبُّ رُمَّان وَتَمْر، فَقَالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الحَوَارِيِّينَ: يا رُوحَ اللَّهِ، أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذَا أَمْ مِنْ طعَام الآخِرَةِ؟ فَقَالَ عِيسَى -عليه السلام-: أَوَ مَا نُهِيتُمْ عَنْ تَغَيُّرِ المسَائِلِ، مَا أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا. قَالَ: لَا وَإِلَهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا أَرَدْتُ بِمَا سَأَلْتُ سُوءًا يَا ابْنَ الصِّدِّيقَةِ. قَالَ عِيسَى: نَزَلَتْ وَمَا عَلَيْهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ عَلَيْهَا مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا، وَلَا مِنْ طَعَامِ الآخِرَةِ، هِيَ وَمَا عَلَيْهَا ابْتَدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالقُدْرَةِ الغَالِبَةِ. قَالَ تَعَالَى لَهَا: كُونِي. فَكَانَتْ، فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ وَاحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبَّكُمْ

<<  <   >  >>