بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اتَّخَذُوا صَنَمًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَجَعَلَ إِلْيَاسُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَجَعَلُوا لَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ شَيْئًا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الملكِ، وَالملُوكُ متَفَرِّقَةٌ بِالشَّامٍ، كُلُّ مَلِكٍ لَهُ نَاحِيَةٌ مِنْهَا يَأْكُلُهَا، فَقَالَ ذَلِكَ الملِكُ الَّذِي كَانَ إِلْيَاسُ مَعَهُ يُقَوِّمُ لهُ أَمْرَهُ، وَيَرَاهُ عَلَى هُدًى مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ يَوْمًا: يَا إِلْيَاسُ، وَاللَّهِ مَا أَرَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّاسَ إِلَّا بَاطِلًا، وَاللَّهِ مَا أَرَى فُلَانًا وَفُلَانًا -وَعَدَّدَ مُلُوكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ- قَدْ عَبَدُوا الأَوْثَانَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِلَّا عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ مُمَلَّكِينَ، مَا يَنْقُصُ مِنْ دُنْيَاهُمْ أَمْرُهُمُ الَّذِي تَزْغمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ! وَمَا نَرَى لَنَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَضْل. وَيَزْعُمُونَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ إِلْيَاسَ اسْتَرْجَعَ وَقَامَ شَعْرُ رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ، ثُمَّ رَفَضَهُ وَخَرَجَ عَنْهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الملِكُ فِعْلَ أَصْحَابِهِ؛ عَبَدَ الأَوْثَانَ، وَصَنَعَ مَا يَصْنَعُونَ، ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِ فِيهِمُ اليَسَعُ، فَكَانَ فِيهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَخَلَفَتْ فِيهِمُ الخُلُوفُ، وَعَظُمَتْ فِيهِمُ الخَطَايَا، وَعِنْدَهُمُ التَّابُوتُ يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فِيهِ السَّكَيِنَةُ وَبَقِيَّة مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ، فَكَانُوا لَا يَلْقَاهُمْ عَدُوٌّ فَيُقَدِّمُونَ التَّابُوتَ وَيَزْحَفُونَ بِهِ مَعَهُمْ إِلَّا هَزَمَ اللَّهُ ذَلِكَ العَدُوَّ، ثُمَّ خَلَفَ فِيهِمْ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ: إِيلَاءُ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ بَارَكَ لَهُمْ فِي جَبَلِهِمْ مِنْ إِيلْيَا، لَا يَدْخُلُهُ عَلَيْهِمْ عَدُوٌّ، وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وكَانَ أَحَدُهُمْ -فِيمَا يَذْكُرُونَ- يَجْمَعُ التُّرَابَ عَلَى الصَّخْرَةِ، ثُمَّ يَنْبُذُ فِيهِ الحَبَّ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ لَهُ مَا يَأْكُلُ سَنَتَهُ هُوَ وَعِيالُهُ، وَيَكُونُ لِأَحَدِهِمُ الزَّيْتُونَةُ، فَيَعْتَصِرُ مِنْهَا مَا يَأْكُلُ هُوَ وَعِيَالُهُ سَنَتَهُ، فَلَمَّا عَظُمَتْ أَحْدَاثُهُمْ، وَتَرَكُوا عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ؛ نَزَلَ بِهِمْ عَدُوٌّ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ، وَأَخْرَجُوا مَعَهُمُ التَّابُوتَ كَمَا كَانُوا يُخْرِجُونَهُ، ثُمَّ زَحَفُوا بِهِ، فَقُوتِلُوا حَتَّى اسْتُلِبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، فَأَتَى مَلِكُهُمْ إِيلَاءُ فَأُخْبِرَ أَنَّ التَّابُوتَ قَدْ أُخِذَ وَاسْتُلِبَ، فَمَالَتْ عُنُقهُ، فَمَاتَ كَمَدًا عَلَيْهِ، فَمَرَجَ أَمْرُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَوَطِئَهُمْ عَدُوُّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute