وقد جاء الحديث بمعناه عن ابن عباس كما ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٤١٠ - ٤١١)، والذهبي في "الميزان" (١/ ٥٤١) عن الحسن بن عبيد اللَّه الأبزاري، حدثني إبراهيم بن سعيد، حدثني المأمون، عن الرشيد، عن المهدي، عن المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يكثر قبل فاطمة، فقالت عائشة: يا نبى اللَّه تكثر قبل فاطمة! فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليلة أسري بي دخلت الجنة فأطعمني من جميع ثمارها فصار ماء في صلبي، فحملت خديجة بفاطمة، فإذا اشتقت إلى تلك الثمار قبلت فاطمة، فأصيب من رائحتها تلك الثمار التي أكلتها". هذا لفظ ابن الجوزي، وفي "الميزان": بذكر جبريل. وعلة الحديث الحسين الأبزاري جاء في "تاريخ بغداد" (٨/ ٥٧) عن أحمد بن كامل القاضي، قال: كان ماجنًا نادرًا كذابًا في تلك الأحاديث التي حدث بها من الأحاديث المسندة عن الخلفاء. اهـ. وانظر "الأنساب" (١/ ٧٤)، وقال ابن الجوزي (١/ ٤١٣): كذاب يضع الحديث. وقال الذهبي في "الميزان" (١/ ٥٤١): فمن أكاذيبه، ثم ساق الحديث، وقال بعده: فاطمة ولدت قبل أن ينزل جبريل بسنوات. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (٣/ ١٥٦) من وجه آخر بنحوه، من طريق مسلم بن عيسى الصفار العسكري، عن عبد اللَّه بن داود الخريبي، عن شهاب بن حرب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتاني جبريل -عليه الصلاة والسلام- بسفرجلة من الجنة، فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت خديجة بفاطمة، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة". قال الحاكم: هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وشهاب بن حرب مجهول، والباقون من رواته ثقات. وقال الذهبي في "التلخيص": قلت: من وضع مسلم بن عيسى الصفار على الخريبي، عن شهاب. . . قلت -الذهبي-: هذا كذب جلي؛ لأن فاطمة ولدت قبل النبوة، فضلًا عن الإسراء. اهـ. قلت: ومسلم بن عيسى، قال الدارقطني: متروك. "الميزان" (٤/ ١٠٦). وللحديث طرق أخرى ذكرها ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٤١٣) لا تخلو من كذاب أو متروك، لذا قال بعد أن ساقها: هذا حديث موضوع، لا يشك المبتدئ في العلم في وضعه، فكيف بالمتبحر، ولقد كان الذي وضعه أجهل الجهال بالنقل والتاريخ، فإن فاطمة ولدت قبل النبوة بخمس سنين، وقد تلقفه منه جماعة أجهل منه فتعددت طرقه، وذكره الإسراء كان أشد لفضيحته، فإن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة بعد موت خديجة، فلما هاجر أقام بالمدينة عشر سنين، فعلى قول من وضع هذا الحديث يكون لفاطمة يوم موت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين وأشهر، وأين الحسن والحسين وهما يرويان عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد كان لفاطمة من العمر ليلة المعراج سبع عشرة سنة، فسبحان من فضح هذا الجاهل الواضع، على =