للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَتَابُوا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الأَنْهَارُ: فَأَوَّلُهَا: رَحْمَةُ اللَّهِ، وَثَانِيهَا: نِعْمَةُ اللَّهِ، وَالثَّالِثُ: سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا. قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السَّدْرَةِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ السِّدْرَةُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ خَلَا مِن أُمَّتِكَ عَلَى سُنَّتِكَ. فَإِذَا هِيَ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ للشَّارِبِينَ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يَقطَعُهَا، وَالوَرَقَةُ مِنهَا مُغَطِّيَةٌ لِلأُمَّةِ كُلِّهَا، قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الخَلَّاقِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَشِيَتْهَا الَملَائِكَةُ أَمثَالَ الغِرْبَانِ حِينَ يَقَعْنَ عَلَى الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَكَلّمَهُ عِنْدَ ذَلكَ، فَقَالَ لَهُ: سَلْ. فَقَالَ: لا اتَّخَذْتَ إِبْرَاهيمَ خَلِيْلًا وَأَعْطَيْتَهُ مُلْكًا عَظِيمًا، وَكَلَّمتَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَأعْطَيْتَ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَأَلَنتَ لَه الحَديدَ، وَسَخرْتَ لَهُ الجِبَالَ، وَأَعْطَيتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا عَظِيمًا، وَسخَّرْتَ لَهُ الجِنَّ وَالإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ، وَسَخَّرتَ لَهُ الرِّيَاحَ، وَأَعطَيتَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَعَلَّمْتَ عِيسَى التَّورَاةَ وَالإِنْجِيلَ، وَجَعَلْتَهُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الموْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، وَأَعَذْتَهُ وَأُمَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا سَبِيْلٌ". فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: قَدِ اتَّخَذْتُكَ حَبِيْبًا وَخَلِيْلًا وَهُوَ مَكُتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: حَبِيبُ اللَّهِ؛ وَأَرْسَلْتُكَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيْرًا، وَشَرَحْتُ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ، وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ، فَلَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرتَ مَعِي، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ أُمَّةً وَسَطًا، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ هُمْ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، وَجَعَلْتُ أَمَّتَكَ لَا تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَة حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي؛ وَجَعَلْتُ مِنْ أُمَّتِكَ أَقْوَامًا قُلُوبُهُمْ أَناجِيلُهُمْ، وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا، وَآخِرُهُمْ بَعْثًا، وَأَوَّلَهُمْ يُقْضَى لَهُ، وَأَعْطَيتُكَ سَبْعًا مِنَ المثَانِي، لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ الكَوْثَرَ، وَأَعْطَيْتُكَ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ: الإِسْلَامَ، وَالهِجْرَةَ، وَالجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَالصَّلَاةَ، وَصَوْمَ رَمَضَانَ،

<<  <   >  >>