قلت: ورجال إسناده ثقات، سعيد بن عبد العزيز إمام ثبت، لكن نص غير واحد على اختلاطه قبل موته، منهم أبو مسهر، وابن معين، وأبو داود، وغيرهم، وانظر "نهاية الاغتباط" (١٣٨)، والحديث وردت فيه زيادات غريبة لم تأت في سياق حديث أنس في الصحيح من روايه شريك بن عبد اللَّه عنه، وثابت وقتادة عنه عند أحمد وغيره، وقد خرجنا طرقه كلها، فلم يأت ذكر الصلاة في طيبة، ولا طور سيناء، ولا بيت لحم، وكذا صلاته بالأنبياء كانت بعد معراجه؛ لذا قال ابن كثير في "تفسيره" (٣/ ٦): فيها -أي هذه الطريق- غرابة ونكارة جدًّا. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما عزاه ابن كثير في "تفسيره" (٥/ ١١)، من طريق يزيد بن أبي مالك، فقال: قال ابن أبي حاتم -ولم أره في التفسير-: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا خالد ابن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، قال: لمَّا كان ليلة أسري برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بيت المقدس أتاه جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل، حمله جبريل عليها، ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها، فلما بلغ بيت المقدس، وبلغ المكان الذي يقال له باب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى إلى الحجر الذي ثمة فغمزه جبريل بأصبعه فثقبه، ثم ربطها، ثم صعدا، فلما استويا في صرحة المسجد، قال جبريل: يا محمد، هل سألت ربك أن يريك الحور العين؟ فقال: "نعم". فقال: فانطلق إلى أولئك النسوة فسلم عليهن، وهن جلوس عن يسار الصخرة. قال: "فأتيتهن فسلمت عليهن، فرددن علي السلام، فقلت: من أنتن؟ " فقلن: نحن خيرات حسان، نساء قوم أبرار، نقوا فلم يدرنوا، وأقاموا فلم يظعنوا، وخلدوا فلم يموتوا. قال: "ثم انصرفت، فلم ألبث إلا يسيرًا حتى اجتمع ناس كثير، ثم أذن مؤذن، وأقيمت الصلاة"، قال: "فقمنا صفوفًا ننتظر من يؤمنا، فأخذ بيدي جبريل عَلَيْه السَّلام فقدمني فصليت بهم" فلما انصرفت، قال جبريل: يا محمد، أتدري من صلى خلفك؟ قال: قلت: "لا". قال: صلى خلفك كل نبي بعثه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. قال: "ثم أخذ بيدي جبريل فصعد بي إلى السماء. . . ". ثم ذكر معراجه. قلت: وإسناده ضعيف جدًّا؛ وآفته خالد بن يزيد، وهَّاه ابن معين، وقال أحمد: ليس بشيء. وراجع "الميزان" (١/ ٦٤٥). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ١٨٥) للنسائي، وابن مردويه. وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": منكر، واللَّه أعلم. وقال الزركشي في "إعلام الساجد" (ص ٢٩٨) بعد إيراده للحديث: لكن فيه نكارة، وهو قوله: "فركبت وركب معي جبريل". قال ابن دحية في كتاب "الابتهاج": هذا الحديث مشهور من رواية أبي مالك، واسمه غزوان بن يوسف المازني، قال أبو حاتم: وهو متروك الحديث. وقال البخاري: تركوه. وقال ابن =