للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلَّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَان إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ. قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: السَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالجهَادُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالجمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟! قَالَ: "وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ المُسْلِمِينَ المُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ". (٣٦٣)

٤٩٣ - قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمِشْقَ":


(٣٦٣) "حديث صحيح جليل"
"جامع الترمذي" (٢٨٦٣)، وأخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (٤/ ١٣٠)، والطيالسي في "مسنده" (١١٦١)، وابن خزيمة (٩٣٠، ١٨٩٥)، وابن حبان (٦٢٣٣) في "صحيحيهما"، والطبراني في "الكبير" (٣/ ٢٨٥ - ٢٨٩ أرقام ٣٤٢٧ - ٣٤٣٠)، والآجري في "الشريعة" (٧)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ١١٧ - ١١٨)، وقال: هذا حديث صحيح على ما أصلناه في الصحابة. وفي موضع آخر (١/ ٢٣٦) قال: هذا الحديث على شرط الأئمة، صحيح محفوظ. وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام" (ق ٤٦)، وغيرهم، كلهم عن يحيى بنحوه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب؛ قال محمد بن إسماعيل: الحارث الأشعري له صحبة، وله غير هذا الحديث.
قلت: وصححه أيضًا ابن خزيمة في "صحيحه" (٩٣٠)، والألباني -رحمه اللَّه- في "صحيح الجامع" (١٧٢٤)، وقال ابن القيم -رحمه اللَّه- في "الوابل الصيب" (ص ١٧): هذا الحديث العظيم الشأن الذي ينبغي لكل مسلم حفظه وتعقله، واللَّه أعلم.

<<  <   >  >>