للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ بِنَاءِ صَخْرَتِهِ وَالْمسْجِدِ الْأَقْصَى، وَلَمْ يَبْقَ لِمُتَكَلِّمٍ فِيهِ كَلَامٌ، وَقَدْ تَبَقَّى مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ مِنَ النَّفَقَةِ بَعْدَ أَنْ فُرِغَ مِنَ الْبِنَاءِ وَأُحْكِمَ مِئَةُ أَلْفِ دِينَارٍ، فَيَصْرِفُهَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ فِي أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: قَدْ أَمَرَ بِهَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ جَائِزَةً لَكُمَا، لِمَا وُلِّيتُمَا مِنْ عِمَارَةِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ المبَارَكِ. فَكَتَبَا إِلَيْهِ: نَحْنُ أَوْلَى أَنْ نَزِيدَ مِنْ حُلِيِّ نِسَائِنَا فَضْلًا عَنْ أَمْوَالِنَا، فَاصْرِفْهَا فِي أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ.

فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: تُسْبَكُ وَتُفْرَغُ فِي الْقُبَّةِ. فَفَعَلَا ذَلِكَ، فَمَا كَانَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَتَأَمَّلَهَا مِمَّا عَلَيْهَا مِنَ الذَّهَبِ وَهِيَ لَهَا جلَالَانِ، جِلَالٌ مِنْ لبْدٍ، وَجِلَالٌ مِنْ أدْمٍ مِنْ فَوْقِهِ، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ أُلْبِسَتْهُ لِيَكِنُّهَا مِنَ الْأَمْطَارِ وَالرِّيَاحِ وَالثُّلُوجِ، وَكَانَ رَجَاءُ بْنُ حَيوةَ وَيَزِيدُ بْنُ سَلَامٍ قَدْ حَفَّا الحجَرَ بِدَرَابْزِينَ سَاسمْ، وَخَلْف الدَّرَابْزِينَ سُتُورُ دِيبَاجٍ مُرْخَاةٍ بَيْنَ الْعُمُدِ، وَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ يِأَمْرُانِ بِالزَّعْفَرَانِ يُدَقُّ وَيُطْحَنُ، ثُمَّ يُعْمَدُ مِنَ الليْلِ بِالمسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالماوَرْدِ الجُورِي، وَيُخَمَّرُ مِنَ الليْلِ، ثُمَّ يَأمُرُ الخدَمَ بِالْغَدَاةِ فَيَدْخُلُونَ حَمَّامَ سُلَيْمَانَ بن عَبْدِ الملِكِ يَغْتَسِلُونَ وَيَتَطَهَّرُونَ، ثُمَّ يَأتُونَ إِلَى الخزَانَةِ الَّتِي فِيهَا الخَلُوقُ فَتُلْقَى أَثْوَابُهُمْ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ بِأَثْوَابٍ جُدُدٍ مِنَ الخزَانَةِ مَرَوِيّ وَقَوْهِيّ وَشَيء يُقَالُ لَهُ: الْعَصَب، وَيخْرُجُونَ مِنْهَا مَنَاطِقَ مُحَلَاةٍ وَيَشَدُّونَ بِهَا أَوْسَاطُهُمْ، ثُمَّ يَأَخْذُونَ سُفُولَ الخَلُوقِ، ثُمَّ يَأتُونَ الحجَرَ حَجَرَ الصَّخْرَةِ فَيُلَطِّخُونَ مَا قَدِرُوا أَنْ تَنَالُهُ أَيْدِيهِمْ، ثُمَّ يَغْمُرُوهُ كُلَّهُ، وَمَا لَمْ تَنْلَهُ أَيْدِيهِمْ غَسَلُوا أَقْدَامَهُمْ ثُمَّ يَصْعَدُونَ عَلَى الحجَرِ يُلَطخُونَ مَا بَقِيَ، ثُمَّ تُرْفَعُ آنِيَةُ الْبُخُورِ وَيُؤْتَى بِمَجَامِرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَالندّ وَالْعُودِ الْمقَارِي المطَرَّى بِالمسْكِ وَالْعَنْبَرِ فَتُرْخَى السُّتُورُ حَوْلَ الْعُمُدِ كُلِّهَا، ثُمَّ يَأخُذُونَ فِي الْبُخُورِ حَوْلَهَا وَيَدُورُونَ حَتَّى يَحُولَ الْبُخُورُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُبَّةِ، ثُمَّ تُشَمَّرُ السُّتُورُ فَيَخْرُجُ الْبُخُورُ يَفُوحُ مِنْ كَثْرَتِهِ

<<  <   >  >>