للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعَثَ الْكُتُبَ فِي جَمِيعِ عَمَلِهِ وَإِلَى سَائِرِ الْأَمْصَارِ أَنَّ عَبْدَ الملِكِ قَدْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ قُبَّةَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمقْدِسِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ فِي الحرِّ وَالْبَرْدِ، وَكَرِهَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ دُونَ رَأي رَعِيَّتِهِ، فَكَتَبَ الرَّعِيَّةُ إِلَيْهِ بِرَأيهِمْ وَمَا هُمْ لَهُ عَلَيْهِ، فَوَرَدَتِ الْكُتُبُ عَلَيْهِ مِنْ عُمَّالِ الْأَعْمَالِ بِرَأي أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ رَأيَهُ مُوَفَّقًا رَشِيدًا، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَن يُتِمَّ لَهُ مَا نوَى فِي بِنَاءِ بِيْتِهِ وَصَخْرَتِهِ وَمَسْجِدِهِ، وَيُجْرِي ذَلِكَ عَلَى يَدَيْهِ وَيَجْعَلُهُ مَكْرُمَةً لَهُ وَلِمَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِهِ، قَالَا: فَجَمَعَ الصُّنَّاعَ فِي عَمَلِهِ كُلِّهِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضَعُوا لَهُ صِفَةَ الْقَبَّةِ وَسَمْتَهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْنِيَهَا، فَكُرِّسَتْ لَهُ فِي صَحْنِ المَسْجِدِ، وَأَمَرَ أَنْ يُبْنَى بَيْتُ المالِ فِي شَرْقِي الصَّخْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَى حَرْفِ الصَّخْرَةِ، فَبُنَي وَأُشْحِنَ بِالْأمْوَالِ، وَوَكَّلَ عَلَى ذَلِكَ رَجَاءَ بْنَ حَيوَةَ وَيَزِيدَ بْنَ سَلَامٍ، وَأَمَرَهُمَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَالْقِيَام بِأَمْرِهَا، وَأَنْ يَقْرَعُوا لِكُل عَلَيْهَا فَرَاغًا دُونَ أَنْ يُنْفِقُوهُ أَنْفَاقًا، وَأَخَذُوا فِي الْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ حَتَّى أُحْكِمَ الْعَمَلُ وَفَرَغَ الْبِنَاءُ، وَلَمْ يَبْقَ لِمُتَكَلِّمٍ فِيهَا كَلَامٌ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِدِمشْقَ: قَدْ أَتَمَّ اللَّه مَا أَمَرَ بهِ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بِنَاءُ قُبَّةِ الصَّخْرَةِ ببَيْتِ المقْدِسِ وَالمسْجِدِ الْأَقْصَى، وَلَمْ يَبْقَ لمتَكَلِّمٍ فِيهَا كَلَامٌ، وَقَدْ بَقَي مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ الْبِنَاءُ وَأُحْكِمَ مِئَةَ أَلْفِ دينارٍ فَيْصرفهَا أَمِيرُ المُؤْمِنينَ فِي أَحَبِّ الأَشْيَاءِ إِلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: قَدْ أَمَرَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ بِهِمَا لَكُمَا جَائِزَةً لِمَا وُليتُمَا مِنْ عِمَارَةِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ المبَارَكِ. فَكَتَبَا إِلَيْهِ: نَحْنُ أَوْلَى أَنْ نَزِيدَ حُلِيَّ نِسَائِنَا فَضْلًا عَنْ أَمْوالِهِمَا، فَاصْرِفْهَا فِي أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا بِأنْ تُسْبَكَ وَتُفَرَّغَ عَلَى الْقُبَّةِ، فَسُكبتْ وَأُفْرِغَتْ فَمَا كَانَ أَحَدٌ يَقَدِرُ أَنْ يَتَأَمَّلَهَا مِمَّا عَلَيْهَا مِنَ الذَّهَب، وِهُيِّئَ لَهَا جلَالَاتٍ مِنْ لبُودٍ وَأدْمٍ مِنْ فَوْقِهَا، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ أُلْبِسَتهُمَا لِتَكُفُّهَا مِنَ الْأَمْطَارِ وَالرِّيَاحِ وَالثُّلُوجِ، وَكَان رَجَاءُ بْنُ حَيْوةَ وَيَزِيدُ بْنُ سَلَام قَدْ حَفَّا الحجَرَ

<<  <   >  >>