= قال الحافظ في "الفتح" (١١/ ٤٧٨ - ٤٨٠): وقد اختلف في ذلك اختلافًا كثيرًا؛ فوقع في حديث أنس الذي بعده كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وأيلة مدينة كانت عامرة، وهي بطرف بحر القلزم من طرف الشام، وهي الآن خراب يمر بها الحاج من مصر فتكون شماليهم، ويمر بها الحاج من غزة وغيرها فتكون أمامهم، ويجلبون إليها الميرة من الكرك والشوبك وغيرهما، يتلقون بها الحاج ذهابًا وإيابًا، وإليها تنسب العقبة المشهورة عند المصريين، وبينها وبين المدينة النبوية نحو الشهر بسير الأثقال إن اقتصروا كل يوم على مرحلة، وإلا فدون ذلك، وهي من مصر على أكثر من النصف من ذلك، ولم يصب من قال من المتقدمين إنها على النصف مما بين مصر ومكة؛ بل هي دون الثلث، فإنها أقرب إلى مصر، ونقل عياض عن بعض أهل العلم أن أيلة شعب من جبل رضوى الذي في ينبع، وتعقب بأنه اسم وافق اسمًا، والمراد بأيلة في الخبر هي المدينة الموصوفة آنفًا، وقد ثبت ذكرها في صحيح مسلم في قصة غزوة تبوك، وفيه أن صاحب أيلة جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصالحه، وتقدم لها ذكر أيضًا في كتاب الجمعة، وأما صنعاء، فإنما قيدت في هذه الرواية باليمن احترازًا من صنعاء التي بالشام، والأصل فيها صنعاء اليمن، لمَّا هاجر أهل اليمن في زمن عمر عند فتوح الشام نزل أهل صنعاء في مكان من دمشق، فسمي باسم بلدهم؛ فعلى هذا فمن في قوله في هذه الرواية من اليمن إن كانت ابتدائية فيكون هذا اللفظ مرفوعًا، وإن كانت بيانية فيكون مدرجًا من قول بعض الرواة، والظاهر أنه الزهري، ووقع في حديث جابر بن سمرة أيضًا كما بين صنعاء وأيلة، وفي حديث حذيفة مثله، لكن قال: عدن بدل صنعاء، وفي حديث أبي هريرة أبعد من أيلة إلى عدن، وعدن بفتحتين بلد مشهور على ساحل البحر في أواخر سواحل اليمن، وأوائل سواحل الهند، وهي تسامت صنعاء، وصنعاء في جهة الجبال، وفي حديث أبي ذر ما بين عمان إلى أيلة، وعمان بضم المهملة وتخفيف النون بلد على ساحل البحر من جهة البحرين، وفي حديث أبي بردة عند ابن حبان ما بين ناحيتي حوضي، كما بين أيلة وصنعاء مسيرة شهر، وهذه الروايات متقاربة؛ لأنها كلها نحو شهر أو تزيد أو تنقص، ووقع في روايات أخرى التحديد بما هو دون ذلك، فوقع في حديث عقبة بن عامر عند أحمد كما بين أيلة إلى الجحفة، وفي حديث جابر كما بين صنعاء إلى المدينة، وفي حديث ثوبان ما بين عدن وعمان البلقاء ونحوه لابن حبان عن أبي أمامة وعمان هذه بفتح المهملة وتشديد الميم للأكثر وحكي تخفيفها وتنسب إلى البلقاء لقربها منها والبلقاء بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها قاف وبالمد بلدة معروفة من فلسطين وعند عبد الرزاق في حديث ثوبان ما بين بصرى إلى صنعاء أو ما بين أيلة إلى مكة وبصرى بضم الموحدة وسكون المهملة بلد معروف بطرف الشام من جهة الحجاز تقدم ضبطها في بدء الوحي وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو عند أحمد بعد ما بين مكة وأيلة وفي لفظ ما بين مكة وعمان وفي حديث حذيفة بن أسيد ما بين صنعاء إلى بصرى ومثله لابن حبان في حديث عتبة بن عبد وفي =