قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي قائلًا: أظنه موضوع فبعضه باطل. قال الألباني في "مشكاة المصابيح" (٥٩١٨): رجاله ثقات، والحديث صحيح. قلت: أبو بكر بن أبي موسى من رجال الجماعة، واحتج به البخاري وثبت سماعه من أبي موسى، ويونس بن أبي إسحاق صدوق، وعنده بعض الأوهام، وأما عبد الرحمن بن غزوان المشهور بقراد فمحل اختلاف بين النقاد، وقد استغرب حديثه هذا جماعة من الأئمة؛ قال الخطيب بعد سياقة الحديث: قال الأصم: سمعت العباس -أي الدوري- يقول: ليس في الدنيا مخلوق يحدث به غير قراد أبي نوح. وسمع هذا أحمد ويحيى بن معي من قراد. قلت: زاد ابن عساكر في رواية الدوري، قال: وقالا: إنما سمعناه من قراد؛ لأنه من الغرائب والأفراد التي تفرد -في المطبوع نقر ولا يستقيم- بروايتها عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه. قلت: وفي الحكاية غرابة شديدة بل ونكارة، فمن ذلك ذكر أبي بكر وبلال، وكذلك سجود الأشجار كيف لم ينقله رفقاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟! وكذلك لمَّا رجعوا إلى مكة لم يحدثوا بهذا أحدًا، ولم ينقلوه مع خطورته وأهميته إلى غير ذلك؛ لذا قال ابن كثير في "بدايته" (٢/ ٢٨٤): فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة؛ فإن أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر، سنة سبع من الهجرة. ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة، وعلى كُلِّ تقدير فهو مرسل؛ فإن هذه القصة كانت ولرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من العمر فيما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة، ولعل أبا موسى تلقاه من النيي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة -رضي اللَّه عنه-، أو كان هذا مشهورًا مذكورًا أخذه من طريق الاستفاضة. الثاني: أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا. الثالث: أن قوله وبعث معه أبو بكر بلالًا إن كان عمره -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ ذاك ثنتي عشرة سنة، فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشرة، وعمر بلال أقل من ذلك، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثم أين كان بلال؟ كلاهما غريب! اللهم إلا أن يقال: إن هذا كان ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كبيرًا. إما بأن يكون سفره بعد هذا، أو إن كان القول بأن عمره كان إذ ذاك ثنتي عشرة سنة غير محفوظ، فإنه إنما ذكر مقيدًا بهذا =