للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِبْرَاهِيمَ عليه السَّلام، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أيُّ يَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَشَدُّ؟ قَالَ الشَّيخُ: يَومُ الدِّين، يَومُ يَضَعُ كُرْسِيِّهِ، يَومُ تُؤمَرُ جَهَنَّمُ فَتَزْفَرُ زَفْرَةً فَلَا يَبْقَى نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ إلَا تَهُمُّهُ نَفْسُهُ، قَالَ إبْرَاهِيمُ: يَا شَيْخُ، ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُؤمِّنِّي وإِيَّاكَ مِن هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ. فَقَالَ الشَّيْخُ: ومَا تَصْنَعُ بدُعَائِي، إِنْ لِي فِي السَّمَاءِ دَعْوَةً مَحْبُوسَةً مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِين. قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَا أَخْبِرَكَ بِمَا حَبَسَ دَعْوَتَكَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَىِ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَبَسَ دَعْوَاتِهُ لِحُبِّ صَوْتِهِ، ثُمَّ يُجِيبَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا عَجَّلَ لَهُ الحَاجَّةَ، وَألقَى اليَأْسَ فِي صَدْرِهِ لِبُغْضِ صَوْتِهِ، مَا دَعْوَتُكَ يَا شَيْخُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مَحْبُوسَة؟ قَالَ: مَرَّ بِي هَاهُنَا شَابٌّ فِي رَأْسِهِ ذُؤَابَة مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ، وَمَعَهُ غَنَمٌ كَأنَّهَا حَشَفٌ (٣٠٤)، وبَقَرٌ كَأنَّهَا حَفِيتْ (٣٠٥) -قَالَ القَاضِي: هَكَذَا فِي الحَدِيثِ وأحْسَبُهُ حَفَلَتْ أي جُمِعَ اللبَنُ فِي ضُرُوعِهَا وأُخِّر حِلَابُهَا- قُلْتُ: لِمَن هَذِه؟ قَالَ: لِخَلِيلِ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيم. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لَكَ فِي الأَرْضِ خَلِيلٌ فَأَرِنِيهِ قَبْلَ خُرُوجِي مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوتُكَ. فَاعْتَنَقَا، فَيَوْمَئذٍ كَانَ أَصْلُ المعَانَقَةِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ السُّجُودُ هَذَا لِهَذَا، وهَذَا لِهَذَا، ثُمَّ جَاءَ الصِّفَاحُ مَعَ الإِسْلَام، فَلَمْ يَسْجُدُوا، ولَمْ يُعَانِقُوا، وَلَا تَتَفَرَّقُ الأَصَابِعُ حَتَّى يَغْفَرَ اللَّهُ لِكُلِّ مُصَافحٍ". (٣٠٦)


(٣٠٤) حشف: الحثف من التمر ما لم ينو، فإذا يبس صلب وفسد لا طعم له ولا لحاء ولا حلاوة، وقد أحشفت النخلة أي صار تمرها حشفا، وقد أحشف ضرع الناقة إذا تقبض واستشن أي صار كالشن، وحشف ارتفع منه اللبن. انظر "لسان العرب": حشف.
(٣٠٥) الحَفا: رقة القدم والخف والحافر، حفي حفا فهو حاف وحف، والاسم الحفوة والحفوة، وقال بعضهم: حاف بين الحفوة والحفوة والحفية والحفاية، وهو الذي لا شيء في رجله من خف ولا نعل، فأما الذي رقت قدماه من كثرة المشي. انظر "لسان العرب": حفا.
(٣٠٦) "باطل"
"الجليس الصالح" (١/ ١٣٠)، وأخرجه الخطيب في "تاريخه" (٤٦٢٦)، تحت ترجمة سليمان بن الربيع، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١٢٢٦)، وصاحب كتاب "العروس" كما قال ابن قدامة في "إثبات =

<<  <   >  >>