قلت: وإسناده ضعيف؛ وآفته شهر بن حوشب، وقد ضعفه جماهير النقاد، وهو أحسن حالًا إن كان الراوي عنه عبد الحميد بن بهرام، والحديث ليس من روايته، قال البيهقي عقبه: تفرد به شهر بن حوشب، وروي من وجه آخر عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنه- موقوفًا عليه في قصة أخرى بهذا اللفظ. واختلف على قتادة: رواه عنه سعيد بن أبي عروبة عنه، قال: وذكر لنا أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول. . . فذكره بنحوه. أخرجه الطبري في تفسير آية (٢٦) من سورة العنكبوت، وهذا منقطع، ويدل على أن الحديث غير محفوظ على الرفع. وله شاهد أخرجه الحاكم في "مستدركه" (٤/ ٥٥٦) من طريق موسى بن عُلَي بن رباح، قال: سمعت أبي، يقول: خرجت حاجًّا، فقال لي سليمان بن عنز قاضي أهل مصر: أبلغ أبا هريرة مني السلام، وأعلمه أني قد استغفرت الغداة له ولأمه. فلقيته فأبلغته، قال: وأنا قد استغفرت له. ثم قال: كيف تركتم أم حنو -يعني مصر-؟ قال: فذكرت له من رفاهيتها وعيشها، قال: أما إنها أول الأرض خرابًا، ثم أرمينية. قلت: سمعتَ ذلك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: لا، ولكن حدثني عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنها تكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم إلى مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس اللَّه، فتحشرهم النار مع القردة والخنازير". قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قلت: أَنَّى له الصحة؛ وفيه عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث، وفي حفظه مقال، وموسى بن عُلَي، قال فيه الحافظ: صدوق ربما أخطأ. وسليمان بن عنز ذكره وكيع في "أخبار القضاة" (٣/ ٢٢١)، وقال: أدرك عمر بن الخطاب، وسمع خطبته بالجابية، قال: وجعل إليه القصص والقضاء جميعًا. والإسناد يصلح في باب الشواهد. ولأغلب فقرات الحديث شواهد: فقوله: "لتكونن هجرة بعد هجرة. . . " لها شواهد عدة مخرجة تحت باب (الشام أرض المحشر). وأما حشر النار فقد ورد في جملة من الروايات، كحديث ابن عمر مرفوعًا: "تخرج نار من حضرموت، أو بحضرموت، فتسوق الناس". قلنا: يا رسول اللَّه، ما تأمرنا؟ قال: "عليكم بالشام". أخرجه أحمد (٢/ ٨)، والترمذي (٢٢١٧)، وغيرهما، وهو صحيح، وانظر "صحيح البخاري" (٦٥٢٢)، من حديث أبي هريرة. وأما قوله: "وتقذرهم نفس اللَّه"، ففي النفس منها شيء، ولفظ: "تقذرهم" غريب ومستنكر، وانظر =