بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبرسالته، وأن التوحيد هو دين جميع الأنبياء، مما غفلوا عن تحريفه أو حرفوه، ولكن بقي شعاع منه يدل على الحق.
وفي هذا القسم ورد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-:"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
قال الحافظ في "الفتح": أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم؛ لأنه كان تقدم منه -صلى اللَّه عليه وسلم- الزجر عن الأخذ عنهم، والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكان النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية، والقواعد الدينية خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك، لما في سماع الأخبار التي كانت في زمنهم من الاعتبار.
القسم الثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه، وذلك مثل ما ذكروه في قصص الأنبياء من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كقصة يوسف، وداود وسليمان، ومثل ما ذكروه في توراتهم من أن الذبيح إسحاق لا إسماعيل، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه، وأنه مما حرفوه وبدلوه، قال تعالى:{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}(٢٤).
وفي هذا القسم ورد النهي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للصحابة عن روايته، والزجر عن أخذه عنهم، وسؤالهم عنه، قال الإمام مالك رحمه اللَّه في حديث:"حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ": المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن، أما ما عُلِم كذبه فلا.
القسم الثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا، ولا من ذاك، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، لاحتمال أن يكون حقا فنكذبه، أو باطلا فنصدقه، ويجوز حكايته لما تقدم من الإذن في الرواية عنهم.