وتعالى أخى الكريم ننظر في الظلال لنعرف هل احتوى على هذه السمة المؤثرة في دخوله في جملة الكتب المفسرة أم قصرت بصاحبه الهمة، فلم يبلغ به القمة؟!! وإليك الأمثلة.
يقول الدكتور صلاح الخالدي:
أما موهبة سيد قطب الأدبية البيانية، فقد استخدمها في تفسيره للقرآن، ومن ثم كان أسلوبه الساحر السلس مزية من مزايا الظلال، وسمة بارزة من سماته، وجعل سيد هذا قالبًا لأفكاره ونظراته وخواطره العلمية، ففى الظلال أدب وبيان وبلاغة وعواطف ومشاعر، ولكنها ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لغاية وطريقة في التعبير، ووعاء للمعانى والمناهج، والأفكار والمبادئ، والتقريرات والتوجيهات …
من سمات الظلال - إذن - العرض البيانى الحى المشرق، وكله تظهر فيه هذه السمة، ولكننا - في هذا المبحث - سنختار "قطعًا" فنية ساحرة من الظلال، نوردها كنماذج وأمثلة لما نقول.
في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (١) أشار إلى توجيه الإسلام الدائنين لإمهال وإنظار المدينين المعسرين، وإلى رفض المرابين هذا الخلق وصوّر واقع المرابين ونفسياتهم وأساليبهم وحقدهم، وجاء هذا "قطعة" أدبية ساحرة: "إنها السماحة الندية التي يحملها الإسلام للبَشرية، إنه الظل الظليل الذي تأوى إليه البشرية المتعبة في هجير الأثرة والشح والطمع والتكالب والسعار، إنها الرحمة للدائن والمدين وللمجتمع الذي يظلل الجميع.
ونحن نعرف أن هذه الكلمات لا تؤدى مفهومًا "معقولًا" في عقول المناكيد الناشئين في هجير الجاهلية المادية الحاضرة، وأن مذاقها الحلو لا طعم له في حسبهم المتحجر البليد، وبخاصة وحوش المرابين سواء كانوا أفرادًا قابعين في زوايا الأرض يتلمظون للفرائس من المحاويج والمنكوبين الذين تحل بهم المصائب،