للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مذهبي أو غيره، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه، ونعمل فيه بالعدالة، وإلا لو فتحنا هذا الباب، وأخذنا تقديم الجرح على إطلاقه، لما سَلِمَ لنا أحد من الأئمة، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون (١).

وقد عقد الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتاب "جامع بيان العلم وفضله" (٢) بابًا في حكم قول العلماء بعضهم في بعض (٣)، بدأ فيه بحديث الزبير : "دَبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء … " الحديث (٤).

وروي بسنده عن ابن عباس أنه قال: "استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض، فوالذي نفسي بيده لهم أشدُ تغايرًا من التيوس في زُرُوبها".

ثم قال أبو عمر بعد ذلك: الصحيح في هذا الباب أن من ثبتت عدالته وصحت في العلم إمامته، وبانت ثقته، وبالعلم عنايته لم يلتفت فيه إلى قول أحدا إلا أن يأتى في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات.


(١) قال الإمام أحمد بن حنبل : "كل رجلٍ ثبتت عدالتُه، لم يقبل فيه تجريح أحد، حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه" من "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر ص ٧ - ٢٧٣، وهى كلمة دقيقة هامة للغاية، وقال الإمام ابن جرير الطبرى الله عنه: "لو كان كل من ادُّعى عليه مذهب من المذاهب الرديئة، ثبت عليه ما ادُّعِى عليه، وسقطت عدالته، وبطلت شهادته بذلك: للزم ترك أكثر محدثى الأمصار، لأنه ما منهم - أحد - إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه. ومن ثبتت عدالته لم يُقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن" من هدى الساري للحافظ ابن حجر: ٢/ ١٥١ - ١٥٢.
(٢) هو الكتاب المسمى "جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله".
(٣) هو في كتاب "جامع بيان العلم" بهذا العنوان تقريبًا: "باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض": ٢/ ١٥٠ - ١٦٣.
(٤) رواه الترمذى في "سننه"، وأحمد في "مسنده"، والضياء في "المختارة"، قال المنذري والهيثمي: سنده جيد.