منها راجعًا إلى المدينة، فهبط من الجعرانة في بطن سرف، حتى لقي طريق المدينة من سرف.
ولم يؤذن للنبي ﷺ في الحج تلك السنة، وذلك أن الحج وقع تلك السنة في ذي القعدة، ولم يبلغنا أنه استعمل عتابًا على الحج تلك السنة، سنة ثمان، ولا أمره فيه بشيء، فلما جاء الحج، حج المسلمون والمشركون فدفعوا معًا فكان المسلمون في ناحية يدفع بهم عتاب بن أسيد ويقف بهم المواقف؛ لأنه أمير البلد، وكان المشركون ممن كان لهم عهد ومن لم يكن لهم عهد في ناحية يدفع بهم أبو سيارة العدواني على أتان عوراء رسنها ليف.
قال: فلما كان سنة تسع، وقع الحج في ذي الحجة، فأرسل النبي ﷺ أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إلى مكة، واستعمله على الحج وعلمه المناسك وأمره بالوقوف على عرفة وعلى جمع، ثم نزلت سورة براءة خلاف أبي بكر، فبعث بها النبي ﷺ مع علي ﵇ وأمره إذا خطب أبو بكر وفرغ من خطبته قام علي، فقرأ على الناس سورة براءة ونبذ إلى المشركين عهدهم، وقال:"لا يجتمعن مسلم ومشرك على هذا الموقف بعد عامهم هذا" وكان أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- الذي يخطب على الناس ويصلي بهم ويدفع بهم في الموقف.
فلما كان سنة عشر، أذن الله ﷿ لنبيه ﷺ في الحج، فحج رسول الله حجة الوداع -وهي حجة التمام- فوقف بعرفة فقال:"يأيها الناس، إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، فلا شهر ينسأ ولا عدة تخطأ، وإن الحج في ذي الحجة إلى يوم القيامة" قال: "وكانت الإفاضة في الجاهلية إلى صوفة، وصوفة رجل يقال له: أخزم بن العاص بن عمرو بن مازن بن الأسد، وكان أخزم قد تصدق بابن له على الكعبة يخدمها، فجعل إليه حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر الخزاعي الإفاضة بالناس على الموقف وحبشية يومئذ يلي حجابة الكعبة