للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركن مما استهمنا عليه (١).

فقال أبو أمية بن المغيرة: يا قوم، إنما أردنا البر ولم نرد الشر، فلا تحاسدوا ولا تنافسوا، فإنكم إذا اختلفتم تشتَّتت أموركم، وطمع فيكم غيركم ولكن حكموا بينكم أول من يطلع عليكم من هذا الفج، قالوا: رضينا وسلمنا، فطلع رسول الله فقالوا: هذا الأمين قد رضينا به، فحكّموه، فبسط رداءه ثم وضع فيه الركن فدعا من كل ربع رجلًا، فأخذوا بأطراف الثوب فكان من بني عبد مناف عتبة بن ربيعة، وكان في الربع الثاني أبو زمعة بن الأسود وكان أسن القوم، وفي الربع الثالث العاصي بن وائل، وفي الربع الرابع أبو حذيفة بن المغيرة، فرفع القوم الركن وقام النبي على الجدر ثم وضعه بيده، فذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي حجرًا ليشد به الركن فقال العباس بن عبد المطلب: لا، [ونحاه] وناول العباس النبي حجرًا فشد به الركن، فغضب النجدي حيث نحي فقال النجدي: وا عجباه لقوم أهل شرف وعقول وسن وأموال عمدوا إلى أصغرهم سنا، وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحوزتهم كأنهم خدم له!! أما والله ليفوتنهم سبقًا، وليقسمن عليهم حظوظًا وجدودًا، ويقال: إنه إبليس (٢).

فبنوا حتى رفعوا أربعة أذرع وشبرًا ثم كبسوها، ووضعوا بابها مرتفعًا على هذا الذرع ورفعوها بمدماك خشب ومدماك حجارة حتى بلغوا السقف.

فقال لهم باقوم الرومي: أتحبون أن تجعلوا سقفها مكبسًا أو مسطحًا؟ فقالوا: بل ابن بيت ربنا مسطحًا. قال: فبنوه مسطحًا وجعلوا فيه ست دعائم في صفين، في كل صف ثلاث دعائم من الشق الشامي الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني، وجعلوا ارتفاعها من خارجها من الأرض إلى أعلاها ثمانية عشر ذراعًا، وكانت قبل ذلك تسعة أذرع فزادت قريش في ارتفاعها في


(١) إتحاف الورى ١/ ١٥٧.
(٢) إتحاف الورى ١/ ١٥٧، ١٥٨ وما بين حاصرتين منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>