للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجرًا بالعتلة، فهدم يومه ذلك فقالت قريش: إنا نخاف أن ينزل به العذاب إذا أمسى.

فلما أمسى لم تر بأسًا، فأصبح الوليد بن المغيرة غاديًا على عمله فهدمت قريش معه حتى بلغوا الأساس الأول الذي رفع عليه إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت، فأبصروا حجارة كأنها الإبل الخلف لا يطيق الحجر منها ثلاثون رجلًا، يحرك الحجر منها فترتج جوانبها، قد تشبك بعضها ببعض فأدخل الوليد بن المغيرة عتلته بين الحجرين فانفلقت منه فلقة عظيمة فأخذها أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، فنزت من يده حتى عادت في مكانها وطارت من تحتها برقة كادت أن تخطف أبصارهم، ورجفت مكة بأسرها؛ فلما رأوا ذلك أمسكوا عن أن ينظروا ما تحت ذلك، فلما جمعوا ما أخرجوا من النفقة قلت النفقة عن أن تبلغ لهم عمارة البيت كله، فتشاوروا في ذلك فأجمع رأيهم على أن يقصروا عن القواعد ويحجروا ما يقدرون عليه من بناء البيت ويتركوا بقيته في الحجر عليه جدار مدار يطوف الناس من ورائه، ففعلوا ذلك وبنوا في بطن الكعبة أساسًا يبنون عليه من شق الحجر وتركوا من ورائه من فناء البيت في الحجر ستة أذرع وشبرًا، فبنوا على ذلك فلما وضعوا أيديهم في بنائها قالوا: ارفعوا بابها من الأرض واكبسوها حتى لا تدخلها السيول، ولا ترقى إلا بسلم، ولا يدخلها إلا من أردتم، إن كرهتم أحدًا دفعتموه (١).

ففعلوا ذلك وبنوها بساف (٢) من حجارة، وساف من خشب بين الحجارة حتى انتهوا إلى موضع الركن فاختلفوا في وضعه، وكثر الكلام فيه وتنافسوا في ذلك فقال بنو عبد مناف وزهرة: هو في الشق الذي وقع لنا، وقالت تيم ومخزوم: هو في الشق الذي وقع لنا، وقالت سائر القبائل: لم يكن


(١) إتحاف الورى ١/ ١٥٦.
(٢) الساف: المدماك، أو السطر والصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>