من أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، وكذلك أيضًا إذا ضم إلى ذلك الموهبة التي وهبها الله له لعمله بما يعلم حتى كان علمه وعمله به سببًا من أسباب إعدامه، وليس أدل على هذه الموهبة من كلام الشيخ الألباني: أنا أعتقد أن الرجل ليس عالمًا، ولكن الحقيقة له كلمات في السجن كأنها من إلهامه.
وقال مرة أخرى: إن كلامه عليه علم وعليه نور.
فهذه المحنة التي مر بها في السجن لا شك أورثته تقوى ونور وبصيرة وإلهام، فأجرى الله الحق على لسانه في كثير من كلامه، وإن لم يذكر له دليلًا، فأعتقد والله أعلم أن الرجل كان مؤهلا للتفسير من جهة إحاطته بعلم اللغة والبلاغة وغيرها، وهذا يؤهله للنظر في كتب التفسير لينهل منها ما يبين مراد الله من كلام الرسول ﷺ، وكلام السلف الصالحين، وإذا ضُم إلى علمه باللغة دراسته السابقة، فهذا يؤهله أيضًا للنظر في كتب التفسير ليعرف من خلالها أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، فإن قيل: إذا هو ناقل فلا يُعد مفسرًا بل ناقلًا، قلنا: إن ابن كثير وغيره كانوا يكثرون من النقل عن غيرهم من المفسرين ولم يخرجهم ذلك عن كونهم مفسرين، وأنا لا أدعى أن سيد قطب بلغ مكانة هؤلاء، بل المقصود رد هذا القول إن قيل.
فخلاصة القول أنه كان مؤهلًا في جوانب مهمة وقصرت به الهمة في جوانب، وإن كان مؤهلًا لنقلها عن غيره، والله الموفق لا رب سواه.