للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بمكة رجل من جرهم على دين إبراهيم وإسماعيل وكان شاعرًا، فقال لعمرو بن لحي حين غير الحنيفية:

يا عمرو لا تظلم … بمكة، إنها بلد حرام

سائل بعاد أين هم … وكذاك تحترم الأنام

وبني العماليق الذين … لهم بها كان السوام

فزعموا أن عمرو بن لحي أخرج ذلك الجرهمي من مكة، فنزل بأطم من أعراض مدينة النبي نحو الشام فقال الجرهمي وقد تشوق إلى مكة:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة … وأهلي (١) معًا بالمأزمين حلول

وهل أرين العيس تنفخ في البرا … لها بمنى والمأزمين ذميل

منازل كنا أهلها لم تحل بنا … أزمان بها فيما أراه تحول

مضى أولونا راضين بشأنهم … جميعًا وغالتني بمكة غول

قال: فكان عمرو بن لحي يلي البيت وولده من بعده خمسمائة سنة، حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو، فتزوج إليه قصي ابنته حبى بنة حليل، وكانوا هم حجابه وخزانه والقوام به وولاة الحكم بمكة، وهو عامر لم يخرب فيه خراب ولم تبن خزاعة فيه شيئًا بعد جرهم ولم تسرق منه شيئًا علمناه ولا سمعنا به، وترافدوا على تعظيمه والذب عنه، وقال في ذلك عمرو بن الحارث بن عمرو الغبشاني:

نحن وليناه فلم نغشه … وابن مضاض قائم يهشه

يأخذ ما يهدى له يفشه … نترك مال اللّه ما نمشه

حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران قال: خرج أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي قبيل الإسلام في نفر من قريش يريدون


(١) كذا في الأصل، ب. وفي أ: "وأهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>