للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم وكانت بأشراف الشام (١).

فركب عبد المطلب، ومعه نفر من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر. قال: والأرض إذ ذاك مفاوز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة واستسقوا ممن معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا: إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم، فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم، وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال: ماذا ترون؟ قالوا: ما رأينا إلا تبع لرأيك فأمرنا بما شئت قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه بما بكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى يكون آخركم رجلًا واحدًا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعًا، قالوا: سمعنا ما أردت، فقام كل رجل منهم يحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه: والله إن إلقاءنا بأيدينا لعجز لا نبتغي لأنفسنا حيلة. فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارتحلوا، فارتحلوا حتى إذا فرغوا، ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون، تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشربوا، واستقوا حتى ملأوا أسقيتهم، ثم دعا القبائل التي معه من قريش فقال: هلم إلى الماء فقد سقانا الله ﷿، فاشربوا واستقوا، فشربوا واستقوا، فقالت القبائل التي نازعته: قد والله قضى الله ﷿ لك علينا يا عبد المطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبدًا الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة، هو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدًا. فرجع ورجعوا معه، ولم يمضوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم (٢).


(١) سيرة ابن هشام ١/ ١٤٣.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>