للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: وكان سبب حفرها أن عبد المطلب بن هاشم بينا هو نائم في الحجر، فأمر بحفر زمزم في منامه وهو دفين بين صنمي قريش إساف ونائلة عند منحر قريش.

قال ابن إسحاق (١): فحدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عبد الله بن زرير الغافقي (٢) أنه سمع علي بن أبي طالب يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها قال: قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة قال: قلت:

وما طيبة (٣)؟ قال: ثم ذهب عني فرجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر برة؟ قال: قلت: وما برة (٤)؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر زمزم، قال: قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف (٥) أبدًا ولا تذم (٦) تسقي الحجيج الأعظم، عند قرية النمل (٧).

قال: فلما أبان له شأنها ودل على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ ولد غيره، فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر، فعرفت قريش انه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب، إنها بئر إسماعيل وإن لنا فيها حقًا فأشركنا معك فيها، فقال عبد المطلب: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر خصصت به دونكم وأُعطيته من بينكم. قالوا: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نحاكمك فيها قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه، قالوا: كاهنة بني سعد هذيم


(١) سيرة ابن هشام ١/ ١٤٢.
(٢) تحرف في ب إلى: "عبد الله بن يزيد اليافعي" وصوابه من الأصل، أ، وسيرة ابن هشام".
(٣) قيل لزمزم طيبة؛ لأنها للطيبين والطيبات من ولد إبراهيم.
(٤) قيل لها برة؛ لأنها فاضات على الأبرار وغاضت عن الفجار.
(٥) لا تنزف: لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها.
(٦) لا تذم: أي لا توجد قليلة الماء.
(٧) سيرة ابن هشام ١/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>